وقال صاحب الدر المنثور في قوله تعالى ﴿ ياأخت هَارُونَ ﴾ : أخرج ابن أبي شيبة، وأحم د وعبد بن حميد، ومسلم والترمذي والنسائي، وابن المنذر وابن أبي حاتم، وابن حبان والطبراني، وابن مردوية والبيهقي في الدلائل عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله ﷺ إلى نجران.. إلى آخرا لحديث كما تقدم أنفاً. وبهدا الحديث الصحيح الذي رأيت إخراج هؤلاء الجماعة له، وقد قدمناه بلفظه عند مسلم في صحيحه - تعلم أن قول من قال : إن المراد هارون أخو موسى باطل سواء قيل إنها أخته، أو أن المراد بأنها أخته أنها من ذريته، كما يقال للرجل : يا أخا تميم، والمراد يا أخا بني تميم، لأنه من ذرية تميم. ومن هذا القبيل قوله :﴿ واذكر أَخَا عَادٍ ﴾ [ الأحقاف : ٢١ ]، لأن هوداً إنما قيل له أخو عاد لأنه من ذريته، فهو أخو بني عاد، وهم المراد بعاد في الآية لأن المراجد بها القبيلة لا الجد. وإذا حققت أن المراد بهارون في الآية غير هاورن أخي موسى، فاعلم أن بعض العلماء : قال : إن لها أخاً اسمه هارون. وبعضهم يقول : إن هارون المذكور رجل من قولها مشهور بالصلاح، وعلى هذا فالمراد بكونها أخته أنها تشبهه في العبادة والتقوى. وإطلاق اسم الأخ على النظير المشابه معروف في القرآن وفي كلام العرب، فمنه في القرآن قوله تعالى :﴿ وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا ﴾ [ الزخرف : ٤٨ ] الآية، وقوله تعالى :﴿ إِنَّ المبذرين كانوا إِخْوَانَ الشياطين ﴾ [ الإسراء : ٢٧ ] الآية، وقوله تعالى ﴿ وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغي ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ﴾ [ الأعراف : ٢٠٢ ]، ومنه في كلام العرب قوله :
وكل أخ يفارقه أخوه... لعمر أبيك إلا الفرقدان
فجلع الفرقدين أخوين.
وكثيراً ما تطلق العرب اسم الأخ على الصديق والصاحب، ومن إطلاقه على الصاحب قول القلاخ بن حزن :