قال صاحب "الكشاف" النسي ما من حقه أن يطرح وينسى كخرقة الطمث ونحوها كالذبح اسم ما من شأنه أن يذبح كقوله :﴿وفديناه بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾ [ الصافات : ١٠٧ ] تمنت لو كانت شيئاً تافهاً لا يؤبه به ومن حقه أن ينسى في العادة وقرأ ابن وثاب والأعمش وحمزة نسياً بالفتح والباقون نسياً بالكسر قال الفراء : هما لغتان كالوتر والوتر والجسر والجسر، وقرأ محمد بن كعب القرظي نسيئاً بالهمزة وهو الحليب المخلوط بالماء ينساه أهله لقلته وقرأ الأعمش منسياً بالكسر على الإتباع كالمغير والمنخر، والله أعلم.
﴿ فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
فناداها من تحتها القراءة المشهورة فناداها وقرأ زر وعلقمة فخاطبها وفي الميم فيها قراءتان فتح الميم وهو المشهور وكسره وهو قراءة نافع وحمزة والكسائي وحفص وفي المنادي ثلاثة أوجه : الأول : أنه عيسى عليه السلام وهو قول الحسن وسعيد بن جبير.
والثاني : أنه جبريل عليه السلام وأنه كان كالقابلة للولد.
والثالث : أن المنادي على القراءة بالكسر هو الملك وعلى القراءة بالفتح هو عيسى عليه السلام وهو مروي عن ابن عيينة وعاصم والأول أقرب لوجوه : الأول : أن قوله :﴿فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا﴾ بفتح الميم إنما يستعمل إذا كان قد علم قبل ذلك أن تحتها أحداً والذي علم كونه حاصلاً تحتها هو عيسى عليه السلام فوجب حمل اللفظ عليه، وأما القراءة بكسر الميم فهي لا تقتضي كون المنادي جبريل عليه السلام، فقد صح قولنا.
الثاني : أن ذلك الموضع موضع اللوث والنظر إلى العورة وذلك لا يليق بالملائكة.