لأنه يلزم، إما حدوث الحال أو قدم المحل، قلنا : لا نسلم وجوب أحد الأمرين، ولم لا يجوز أن يقال : إن ذاته تقتضي الحلول بشرط وجود المحل ففي الأزل ما وجد المحل فلم يوجد شرط هذا الوجوب فلا جرم لم يجب الحلول، وفيما لا يزال حصل هذا الشرط فلا جرم وجب سلمنا أنه يلزم، إما حدوث الحال أو قدم المحل فلم لا يجوز.
قوله : إنا دللنا على حدوث الأجسام، قلنا : لم لا يجوز أن يكون محله ليس بجسم ولكنه يكون عقلاً أو نفساً أو هيولى على ما يثبته بعضهم، ودليلكم على حدوث الأجسام لا يقبل حدوث هذه الأشياء، قوله ثانياً : لو حل مع وجوب أن يحل لكان محتاجاً إلى المحل، قلنا : لا نسلم وجوب أحد الأمرين بل ههنا احتمالان آخران : أحدهما : أن العلة وإن امتنع انفكاكها عن المعلول لكنها لا تكون محتاجة إلى المعلول فلم لا يجوز أن يقال : إن ذاته غنية عن ذلك المحل ولكن ذاته توجب حلول نفسها في ذلك المعلول فيكون وجوب حلولها في ذلك المحل من معلولات ذاته، وقد ثبت أن العلة وإن استحال انفكاكها عن المعلول لكن ذلك لا يقتضي احتياجها إلى المعلول.
الثاني : أن يقال إنه في ذاته يكون غنياً عن المحل وعن الحلول، إلا أن المحل يوجب لذاته صفة الحلول، فالمفتقر إلى المحل صفة من صفاته وهي حلوله في ذلك المحل فأما ذاته فلا ولا يلزم من افتقار صفة من صفاته الإضافية إلى الغير افتقار ذاته إلى الغير وذلك لأن جميع الصفات الإضافية الحاصلة له مثل كونه أولاً وآخراً ومقارناً ومؤثراً ومعلوماً ومذكوراً مما لا يتحقق إلا عند حصول التحيز، وكيف لا والإضافات لا بد في تحققها من أمرين، سلمنا ذلك فلم لا يجوز أن يحل مع جواز أن يحل.
قوله يلزم أن يكون حلوله فيه زائداً عليه، ويلزم التسلسل، قلنا : حلوله في المحل لما كان جائزاً كان حلوله في المحل زائداً عليه.