المسألة الأولى :
اختلف الناس فيه فالجمهور على أنه قال هذا الكلام حال صغره وقال أبو القاسم البلخي إنه إنما قال ذلك حين كان كالمراهق الذي يفهم وإن لم يبلغ حد التكليف أما الأولون فلهم قولان : أحدهما : أنه كان في ذلك الصغر نبياً.
الثاني : روى عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : المراد بأن حكم وقضى بأنه سيبعثني من بعد ولما تكلم بذلك سكت وعاد إلى حال الصغر.
ولما بلغ ثلاثين سنة بعثه الله نبياً، واحتج من نص على فساد القول الأول بأمور : أحدها : أن النبي لا يكون إلا كاملاً والصغير ناقص الخلقة بحيث يعد هذا التحدي من الصغير منفراً بل هو في التنفير أعظم من أن يكون امرأة.
وثانيها : أنه لو كان نبياً في هذا الصغر لكان كمال عقله مقدماً على ادعائه للنبوة إذ النبي لا بد وأن يكون كامل العقل لكن كمال عقله في ذلك الوقت خارق للعادة فيكون المعجز متقدماً على التحدي وإنه غير جائز.
وثالثها : أنه لو كان نبياً في ذلك الوقت لوجب أن يشتغل ببيان الأحكام، وتعريف الشرائع ولو وقع ذلك لاشتهر ولنقل فحيث لم يحصل ذلك علمنا أنه ما كان نبياً في ذلك الوقت.
أجاب الأولون عن الكلام الأول بأن كون الصبي ناقصاً ليس لذاته بل الأمر يرجع إلى صغر جسمه ونقصان فهمه، فإذا أزال الله تعالى هذه الأشياء لم تحصل النفرة بل تكون الرغبة إلى استماع قوله وهو على هذه الصفة أتم وأكمل.


الصفحة التالية
Icon