وقرأ عليّ كرم الله وجهه والسلمي وداود بن أبي هند ونافع في رواية والكسائي في رواية ﴿ تمترون ﴾ بتاء الخطاب والجمهور بياء الغيبة، وامترى افتعل إما من المرية وهي الشك، وإما من المراء وهو المجادلة والملاحاة، وكلاهما مقول هنا قالت اليهود ساحر كذاب، وقالت النصارى ابن الله وثالثها ثلاثة وهو الله ﴿ ما كان لله أن يتخذ من ولد ﴾ هذا تكذيب للنصارى في دعواهم أنه ابن الله، وإذا استحالت البنوة فاستحالة الإلهية مستقلة أو بالتثليث أبلغ في الاستحالة، وهذا التركيب معناه الانتفاء فتارة يدل من جهة المعنى على الزجر ﴿ ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ﴾ وتارة على التعجيز ﴿ ما كان لكم أن تنبتوا شجرها ﴾ وتارة على التنزيه كهذه الآية، ولذلك أعقب هذا النفي بقوله ﴿ سبحانه ﴾ أي تنزه عن الولد إذ هو مما لا يتأتى ولا يتصور في المعقول ولا تتعلق به القدرة لاستحالته، إذ هو تعالى متى تعلقت إرادته بإيجاد شيء أوجده فهو منزه عن التوالد.
وتقدم الكلام على الجملة من قوله ﴿ إذا قضى أمراً ﴾.
وقرأ الجمهور ﴿ وإن الله ﴾ بكسر الهمزة على الاستئناف.
وقرأ أُبي بالكسر دون واو، وقرأ الحرميان وأبو عمرو ﴿ وإن ﴾ بالواو وفتح الهمزة، وخرجه ابن عطية على أن يكون معطوفاً على قوله هذا ﴿ قول الحق ﴾ ﴿ وإن الله ربي ﴾ كذلك.
وخرجه الزمخشري على أن معناه ولأنه ربي وربكم فاعبدوه كقوله ﴿ وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ﴾ انتهى.
وهذا قول الخليل وسيبويه وفي حرف أبي أيضاً، وبأن ﴿ الله ﴾ بالواو وباء الجر أي بسبب ذلك فاعبدوه.
وأجاز الفراء في ﴿ وإن ﴾ يكون في موضع خفض معطوفاً على والزكاة، أي ﴿ وأوصاني بالصلاة والزكاة ﴾ وبأن الله ربي وربكم انتهى.
وهذا في غاية البعد للفصل الكثير، وأجاز الكسائي أن يكون في موضع رفع بمعنى الأمر ﴿ إن الله ربي وربكم ﴾.