وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ أَسْمِع بهم وَأَبْصِرْ ﴾
فيه قولان.
أحدهما : أن لفظه لفظ الأمر، ومعناه الخبر ؛ فالمعنى : ما أسمعهم وأبصرهم يوم القيامة، سمعوا وأبصروا حين لم ينفعهم ذلك لأنهم شاهدوا من أمر الله ما لا يحتاجون معه إِلى نظر وفِكر فعلموا الهدى وأطاعوا، هذا قول الأكثرين.
والثاني : أَسْمِع بحديثهم اليوم، وأبصِرْ كيف يُصنَع بهم ﴿ يوم يَأتوننا ﴾، قاله أبو العالية.
قوله تعالى :﴿ لكن الظالمون ﴾ يعني : المشركين والكفار ﴿ اليومَ ﴾ يعني : في الدنيا ﴿ في ضلال مبين ﴾.
قوله تعالى :﴿ وأَنْذِرهم ﴾ أي : خوِّف كفَّار مكة ﴿ يومَ الحسرة ﴾ يعني : يوم القيامة يتحسَّر المسيء إِذ لم يُحْسِن، والمقصِّر إِذ لم يَزْدَدْ من الخير.
وموجبات الحسرة يوم القيامة كثيرةٌ، فمن ذلك ما روى أبو سعيد الخدري، عن رسول الله ﷺ أنه قال :" إِذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، قيل : يا أهل الجنة، فيشرئِبُّون وينظرون، وقيل : يا أهل النار فيشرئبُّون وينظرون، فيُجاء بالموت كأنه كبش أملح، فيقال لهم : هل تعرفون هذا؟ فيقولون : هذا الموت، فيُذبَح، ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت ؛ ثم قرأ رسول الله ﷺ :﴿ وأَنذِرهم يومَ الحسرة إِذْ قُضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون ﴾ ".
قال المفسرون : فهذه هي الحسرة إِذا ذُبِح الموت، فلو مات أحد فرحاً مات أهل الجنة، ولو مات أحد حزناً مات أهل النار.


الصفحة التالية
Icon