وقال أبو حيان :
﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥١) ﴾
قرأ الكوفيون ﴿ مخلصاً ﴾ بفتح اللام وهي قراءة أبي رزين ويحيى وقتادة، أي أخلصه الله للعبادة والنبوة.
كما قال تعالى ﴿ إنّا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ﴾ وقرأ باقي السبعة والجمهور بكسر اللام أي أخلص العبادة عن الشرك والرياء، أو أخلص نفسه وأسلم وجهه لله.
ونداؤه إياه هو تكليمه تعالى إياه.
و﴿ الطور ﴾ الجبل المشهور بالشام، والظاهر أن ﴿ الأيمن ﴾ صفة للجانب لقوله في آية أخرى ﴿ جانب الطور الأيمن ﴾ بنصب الأيمن نعتاً لجانب الطور، والجبل نفسه لا يمنة له ولا يسرة ولكن كان على يمين موسى بحسب وقوفه فيه، وإن كان من اليمن احتمل أن يكون صفة للجانب وهو الراجح ليوافق ذلك في الآيتين، واحتمل أن يكون صفة للطور إذ معناه الأسعد المبارك.
قال ابن القشيري : في الكلام حذف وتقديره ﴿ وناديناه ﴾ حين أقبل من مدين ورأى النار من الشجرة وهو يريد من يهديه إلى طريق مصر ﴿ من جانب الطور ﴾ أي من ناحية الجبل.
﴿ وقربناه نجياً ﴾ قال الجمهور : تقريب التشريف والكلام واليوم.
وقال ابن عباس : أدنى موسى من الملكوت ورفعت له الحجب حتى سمع صريف الأقلام، وقاله أبو العالية وميسرة.
وقال سعيد : أردفه جبريل على السلام.
قال الزمخشري : شبهه بمن قربه بعض العظماء للمناجاة حيث كلمه بغير واسطة ملك انتهى.
ونجى فعيل من المناجاة بمعنى مناج كالجليس، وهو المنفرد بالمناجاة وهي المسارة بالقول.
وقال قتادة : معنى نجاه صدقه ومن في من رحمتنا للسبب أي من أجل رحمتنا له أو للتبعيض أي بعض رحمتنا.
قال الزمخشري : و﴿ أخاه ﴾ على هذا الوجه بدل و﴿ هارون ﴾ عطف بيان كقولك رأيت رجلاً أخاك زيداً انتهى.