"الجواب الثاني" من الجوابين قوله :﴿وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ الله﴾ الاعتزال للشيء هو التباعد عنه والمراد أني أفارقكم في المكان وأفارقكم في طريقتكم أيضاً وأبعد عنكم وأتشاغل بعبادة ربي الذي ينفع ويضر والذي خلقني وأنعم علي فإنكم بعبادة الأصنام سالكون طريقة الهلاك، فواجب على مجانبتكم ومعنى قوله :﴿عسى أَلا أَكُونَ بِدُعَاء رَبّى شَقِيّا﴾ أرجو أن لا أكون كذلك، وإنما ذكر ذلك على سبيل التواضع كقوله :﴿والذى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدين﴾ [ الشعراء : ٨٢ ] وأما قوله :﴿شَقِيّاً﴾ مع ما فيه من التواضع لله ففيه تعريض بشقاوتهم في دعاء آلهتهم على ما قرره أولاً في قوله :﴿لَمْ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَبْصِرُ وَلاَ يُغْنِى عَنكَ شَيْئاً﴾ [ مريم : ٤٢ ].
﴿ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا (٤٩) ﴾