وقال ابن عطية :
قال آزر وهو تارخ ﴿ أراغب أنت عن آلهتي ﴾
والرغبة ميل النفس، فقد تكون الرغبة في الشيء وقد تكون عنه، وقوله ﴿ أراغب ﴾ رفع بالابتداء و﴿ أنت ﴾ فاعل به يسد مسد الخبر وحسن ذلك وقربه اعتماد " راغب " على ألف الاستفهام، ويجوز أن يكون " راغب " خبراً مقدماً و﴿ أنت ﴾ ابتداء والأول أصوب وهو مذهب سيبويه.
وقوله ﴿ عن آلهتي ﴾، يريد الأصنام وكان فيما روي ينحتها وينجرها بيده ويبيعها ويحض عليها فقرر ابنه إبراهيم على رغبته عنها على جهة الإنكار عليه ثم أخذ يتوعده، وقوله ﴿ لأرجمنك ﴾ اختلف فيه المتأولون، فقال السدي وابن جريج والضحاك : معناه بالقول، أي لأشتمنك ﴿ واهجرني ﴾ أنت إذا شئت مدة من الدهر، أو سالماً حسب الخلاف الذي سنذكره. وقال الحسن بن أبي الحسن : معناه ﴿ لأرجمنك ﴾ بالحجارة، وقالت فرقة : معناه لأقتلنك، وهذان القولان بمعنى واحد، وقوله ﴿ واهجرني ﴾ على هذا التأويل إنما يترتب بأنه أمر على حياله كأنه قال : إن لم تنته لأقتلنك بالرجم، ثم قال له ﴿ واهجرني ﴾ أي مع انتهائك كأنه جزم له الأمر بالهجرة وإلا فمع الرجم لا تترتب الهجرة و﴿ ملياً ﴾ معناه دهراً طويلاً مأخوذ من الملوين وهما الليل والنهار وهذا قول الجمهور والحسن ومجاهد وغيرهما فهو ظرف، وقال ابن عباس وغيره ﴿ ملياً ﴾ معناه سليماً منا سوياً فهو حال من ﴿ إبراهيم ﴾ عليه السلام، وتلخيص هذا أن يكون بمعنى قوله مستبداً بحالك غنياً عني ملياً بالاكتفاء.
﴿ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (٤٧) ﴾