رَبّكَ} يجوز أن يكون قول أهل الجنة والمراد وما نتنزل الجنة إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا أي في الجنة مستقبلاً وما خلفنا مما كان في الدنيا وما بين ذلك أي ما بين الوقتين وما كان ربك نسياً لشيء مما خلق فيترك إعادته لأنه عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة وقوله :﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً﴾ ابتداء كلام منه تعالى في مخاطبة الرسول ﷺ ويتصل به :﴿رَبّ السموات والأرض﴾ أي بل هو ﴿رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا فاعبده﴾ قال القاضي وهذا مخالف للظاهر من وجوه : أحدها : أن ظاهر التنزل نزول الملائكة إلى الرسول ﷺ لقوله بأمر ربك وظاهر الأمر بحال التكليف أليق، وثانيها : أنه خطاب من جماعة لواحد وذلك لا يليق بمخاطبة بعضهم لبعض في الجنة.
وثالثها : أن ما في سياقه من قوله :﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً * رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ لا يليق إلا بحال التكليف ولا يوصف به الرسول ﷺ فكأنهم قالوا للرسول وما كان ربك يا محمد نسياً يجوز عليه السهو حتى يضرك إبطاؤنا بالتنزل عليك إلى مثل ذلك ثم ههنا أبحاث :
البحث الأول : قال صاحب "الكشاف" التنزل على معنيين : أحدهما : النزول على مهل.
والثاني : بمعنى النزول على الإطلاق والدليل عليه أنه مطاوع نزل ونزل يكون بمعنى أنزل وبمعنى التدريج واللائق بمثل هذا الموضع هو النزول على مهل والمراد أن نزولنا في الأحايين وقتاً بعد وقت ليس إلا بأمر الله تعالى.
البحث الثاني : ذكروا في قوله :﴿مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذلك﴾ وجوهاً : أحدها : له ما قدامنا وما خلفنا من الجهات وما نحن فيه فلا نتمالك أن ننتقل من جهة إلى جهة ومن مكان إلى مكان إلا بأمره ومشيئته فليس لنا أن ننقلب من السماء إلى الأرض إلا بأمره.