و " المأتي " مفعول على بابه، والآتي هو الإنجاز والفعل الذي تضمنه الوعد، وكان إيتانه إنما يقصد به " الوعد " الذي تقدمه. وقالت جماعة من المفسرين : هو مفعول في اللفظ بمعنى فاعل بمعنى آت وهذا بعيد، والنظر الأول أصوب، و" اللغو " الساقط من القول، وهو أنواع مختلفة كلها ليست في الجنة، وقوله ﴿ إلا سلاماً ﴾، استثناء منقطع، المعنى لكن يسمعون كلاماً هو تحية الملائكة لهم في كل الأوقات. وقوله ﴿ بكرة وعشياً ﴾، يريد في التقدير أي يأتيهم طعامهم مرتين في مقدار اليوم والليلة من الزمن، ويروى أن أهل الجنة تنسد لهم الأبواب بقدر الليل في الدنيا فهم يعرفون البكرة عند انفتاحها والعشي عند انسدادها، وقال مجاهد : ليس بكرة ولا عشياً لكن يؤتى به على قدر ما كانوا يشتهون في الدنيا، وقد ذكر نحوه قتادة، أن تكون مخاطبة بما تعرفه العرب وتستغربه في رفاهة العيش، وجعل ذلك عبارة عن أن رزقهم يأتي على أكمل وجوهه. وقال الحسن : خوطبوا على ما كانت العرب تعلم من أفضل العيش وذلك أن كثيراً من العرب إنما كان يجد الطعام المرة في اليوم وهي غايته، وكان عيش أكثرهم من شجر البرية ومن الحيوان ونحوه ألا ترى قول الشاعر :[ المنسرح ]
عصرته نطفة تضمنها... لصب توقى مواقع السبل
أو وجبة من جناة أشكله... إن لم يزغها بالقوس لم تنلِ
الوجبة الأكلة في اليوم. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon