وقال :﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ [ العنكبوت : ١٣ ] فبين تعالى أنه ينزع من كل فرقة من كان أشد عتواً وأشد تمرداً ليعلم أن عذابه أشد، ففائدة هذا التمييز التخصيص بشدة العذاب لا التخصيص بأصل العذاب، فلذلك قال في جميعهم :﴿ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بالذين هُمْ أولى بِهَا صِلِيّاً﴾ ولا يقال أولى إلا مع اشتراك القوم في العذاب، واختلفوا في إعراب أيهم فعن الخليل أنه مرتفع على الحكاية تقديره لننزعن الذين يقال فيهم أيهم أشد وسيبويه على أنه مبني على الضم لسقوط صدر الجملة التي هي صلة حتى لو جيء به لأعرب وقيل أيهم هو أشد.
﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢) ﴾
واعلم أنه تعالى لما قال من قبل :﴿فَوَرَبّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ والشياطين﴾ [ مريم : ٦٨ ] ثم قال :﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ﴾ [ مريم : ٦٨ ] أردفه بقوله :﴿وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا﴾ يعني جهنم واختلفوا فقال بعضهم المراد من تقدم ذكره من الكفار فكنى عنهم أولاً كناية الغيبة ثم خاطب خطاب المشافهة، قالوا : إنه لا يجوز للمؤمنين أن يردوا النار ويدل عليه أمور : أحدها : قوله تعالى :﴿إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [ الأنبياء : ١٠١ ] والمبعد عنها لا يوصف بأنه واردها.
والثاني : قوله :﴿لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا﴾ [ الأنبياء : ١٠٢ ] ولو وردوا جهنم لسمعوا حسيسها.
وثالثها : قوله :﴿وَهُمْ مّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ ءامِنُونَ﴾ [ النحل : ٨٩ ] وقال الأكثرون : إنه عام في كل مؤمن وكافر لقوله تعالى :﴿وَإِن مّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا﴾ فلم يخص.


الصفحة التالية
Icon