وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ أفرأيتَ الذي كفر بآياتنا ﴾
في سبب نزولها قولان.
أحدهما : ما روى البخاري ومسلم في "الصحيحين" من حديث مسروق عن خبَّاب [ بن الأرتِّ ] قال : كنت رجلاً قَيْنَاً [ أي : حداداً ] وكان لي على العاص بن وائل دَيْن، فأتيته أتقاضاه، فقال :[ لا ] والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت : لا والله لا أكفر بمحمد ﷺ حتى تموت، ثم تُبعث.
قال : فإني إِذا مِتُّ ثم بُعثت جئتني ولي ثَمَّ مال وولد، فأعطيتك، فنزلت فيه هذه الآية، إِلى قوله تعالى :﴿ فرداً ﴾.
والثاني : أنها نزلت في الوليد بن المغيرة، وهذا مروي عن الحسن.
والمفسرون على الأول.
قوله تعالى :﴿ لأُوتَيَنَّ مالاً وولداً ﴾ قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، ونافع، وعاصم، وابن عامر : بفتح الواو.
وقرأ حمزة، والكسائي : بضم الواو.
وقال الفراء : وهما لغتان، كالعُدم، والعَدم، وليس يجمع، وقيس تجعل الوُلد جمعاً، والوَلد، بفتح الواو، واحداً.
وأين زعم هذا الكافر أن يؤتى المال والولد؟ فيه قولان.
أحدهما : أنه أراد في الجنة على زعمكم.
والثاني : في الدنيا.
قال ابن الأنباري : وتقدير الآية : أرأيته مصيباً؟!
قوله تعالى :﴿ أَطَّلَعَ الغيبَ ﴾ قال ابن عباس في رواية : أَعَلِمَ ما غاب عنه حتى يعلم أفي الجنة هو، أم لا؟! وقال في رواية أخرى : أَنَظَر في اللوح المحفوظ؟!
قوله تعالى :﴿ أم اتَّخذ عند الرحمن عهداً ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : أم قال : لا إِله إِلا الله، فأرحمه بها؟! قاله ابن عباس.
والثاني : أم قدَّم عملاً صالحاً، فهو يرجوه؟! قاله قتادة.
والثالث : أم عهد إِليه أنه يدخله الجنة؟! قاله ابن السائب.
قوله تعالى :﴿ كلاَّ ﴾ أي : ليس الأمر على ما قال من أنه يؤتَى المال والولد.
ويجوز أن يكون معنى "كلاَّ" أي : إِنه لم يطَّلع الغيبَ، ولم يتخذ عند الله عهداً.


الصفحة التالية
Icon