الشياطين في الدنيا فإنهم يسألونهم وينقادون لهم فقال :﴿أَنَّا أَرْسَلْنَا الشياطين عَلَى الكافرين تَؤُزُّهُمْ أَزّاً﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
احتج الأصحاب بهذه الآية على أن الله تعالى مريد لجميع الكائنات فقالوا قول القائل : أرسلت فلاناً على فلان موضوع في اللغة لإفادة أنه سلطه عليه لإرادة أن يستولي عليه.
قال عليه السلام : سم الله وأرسل كلبك عليه إذا ثبت هذا فقوله :﴿أَنَّا أَرْسَلْنَا الشياطين عَلَى الكافرين﴾ يفيد أنه تعالى سلطهم عليهم لإرادة أن يستولوا عليهم وذلك يفيد المقصود ثم يتأكد هذا بقوله :﴿تَؤُزُّهُمْ أَزّاً﴾ فإن معناه إنا أرسلنا الشياطين على الكافرين لتؤزهم أزاً ويتأكد بقوله :
﴿واستفزز مَنِ استطعت مِنْهُمْ﴾ [ الإسراء : ٦٤ ] قال القاضي : حقيقة اللفظ توجب أنه تعالى أرسل الشياطين إلى الكفار كما أرسل الأنبياء بأن حملهم رسالة يؤدونها إليهم فلا يجوز في تلك الرسالة إلا ما أرسل عليه الشياطين من الإغواء فكان يجب في الكفار أن يكونوا بقبولهم من الشياطين مطيعين وذلك كفر من قائله، ولأن من العجب تعلق المجبرة بذلك لأن عندهم أن ضلال الكفار من قبله تعالى بأن خلق فيهم الكفر وقدر الكفر فلا تأثير لما يكون من الشيطان وإذا بطل حمل اللفظ في ظاهره فلا بد من التأويل فنحمله على أنه تعالى خلى بين الشياطين وبين الكفار وما منعهم من إغوائهم وهذه التخلية تسمى إرسالاً في سعة اللغة.