يَطْمو إذا الوِرْدُ عليه الْتَكَّا...
أي الورّاد الذين يريدون الماء.
قوله تعالى :﴿ لاَّ يَمْلِكُونَ الشفاعة ﴾ أي هؤلاء الكفار لا يملكون الشفاعة لأحد ﴿ إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً ﴾ وهم المسلمون فيملكون الشفاعة، فهو استثناء الشيء من غير جنسه ؛ أي لكن "من اتخذ عِند الرحمنِ عهداً" يشفع ؛ ف"من" في موضع نصب على هذا.
وقيل : هو في موضع رفع على البدل من الواو في "يملكون" ؛ أي لا يملك أحد عند الله الشفاعة ﴿ إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً ﴾ فإنه يملك ؛ وعلى هذا يكون الاستثناء متصلاً.
و"المجرمين" في قوله :﴿ وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ وِرْداً ﴾ يعم الكفرة والعصاة، ثم أخبر أنهم لا يملكون الشفاعة إلا العصاة المؤمنون، فإنهم يملكونها بأن يشفع فيهم.
قال رسول الله ﷺ :" لا أزال أشفع حتى أقول يا رب شفعني فيمن قال لا إله إلا الله محمد رسول الله فيقول : يا محمد إنها ليست لك ولكنها لي " خرجه مسلم بمعناه، وقد تقدّم.
وتظاهرت الأخبار بأن أهل الفضل والعلم والصلاح يشفعون فيُشفَّعون ؛ وعلى القول الأول يكون الكلام متصلاً بقوله :﴿ واتخذوا مِن دُونِ الله آلِهَةً لِّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً ﴾ فلا تقبل غداً شفاعة عبدة الأصنام لأحد، ولا شفاعة الأصنام لأحد، ولا يملكون شفاعة أحد لهم ؛ أي لا تنفعهم شفاعة ؛ كما قال :﴿ فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشافعين ﴾ [ المدثر : ٤٨ ].
وقيل : أي نحشر المتقين والمجرمين ولا يملك أحد شفاعة ﴿ إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً ﴾ أي إذا أذن له الله في الشفاعة.
كما قال :﴿ مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ].
وهذ العهد هو الذي قال "أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً" وهو لفظ جامع للإيمان وجميع الأعمال الصالحة التي يصل بها صاحبها إلى حيز من يشفع.
وقال ابن عباس : العهد لا إله إلا الله.