وقال القاسمى :
﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْداً ﴾
أي : وافدين عليه. وأصل الوفود القدوم على العظماء للعطايا والاسترفاد. ففيه إشارة إلى تبجيلهم وتعظيمهم، المزورِ والزائرِ.
﴿ وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً ﴾ أي : عطاشاً. وفي ذكرهم بالسَّوْق إشعار بإهانتهم واستخفافهم. كأنهم نعم عطاش تساق إلى الماء. والورد : الذهاب إلى الماء، ويطلق على الذاهبين إليه. وقوله تعالى :
﴿ لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْداً ﴾
الضمير لأصناهم المتقدم ذكرها في قوله :﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً ﴾ [ ٨١ ]، ردٌّ على عابديهم في دعواهم أنهم شفعاؤهم عند الله. واتخاذ العهد هو الإيمان والعمل الصالح. أي : لكن من آمن وعمل صالحاً فإنه يشفع للعصاة على ما وعد الله تعالى. وجوز أن يكون العهد بمعنى الإذن والأمر. يقال : أخذت الإذن في كذا واتخذته بمعنى. من باب عهد الأمير إلى فلان بكذا إذا أمره به. أي : لا يشفع إلا المأمور بالشفاعة، المأذون له فيها. وتعضده مواضع في التنزيل :﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [ النجم : ٢٦ ]، ﴿ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾ [ سبأ : ٢٣ ]، ﴿ يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ﴾ [ طه : ١٠٩ ]، ونحوه هذه الآية قوله تعالى :﴿ وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [ الزخرف : ٨٦ ]. أ هـ ﴿محاسن التأويل حـ ١١ صـ ١١٩﴾