ولما كان من العبد من يعصي على سيده، عبر بالإتيان فقال :﴿ءاتي الرحمن﴾ العام بالإحسان، أي منقاد له طوعاً أو كرهاً في كل حالة وكل وقت ﴿عبداً﴾ مسخراً مقهوراً خائفاً راجياً، فكيف يكون العبد ابناً أو شريكاً؟ فدلت الآية على التنافي بين العبودية والولدية، فهي من الدليل على عتق الولد والوالد إذا اشتريا.
ولما كان من المستبعد معرفة الخلائق كلهم، أتبعه بقوله :﴿لقد﴾ أي والله لقد ﴿أحصاهم﴾ كلهم إحاطة بهم ﴿وعدهم﴾ ولما كان ذلك لا يكاد يصدق، أكده بالمصدر فقال :﴿عداً﴾ قبل خلقهم من جميع جهات العبد ولوازمها، فلم يوجد ولم يولد، ولم يعدم أو يصب أحد منهم إلا في حينه الذي عده له، وقد يكون الإحصاء قبل الوجود في عالم الغيب والعد بعد الوجود ﴿وكلهم﴾ أي وكل واحد منهم ﴿ءاتيه يوم القيامة﴾ بعد بعثه من الموت ﴿فرداً﴾ على صفة الذل، موروثاً ماله وولده الذي كنا أعطيناه في الدنيا قوة له وعزاً، لأنه لا موجود غيره يقدر على حراسة نفسه من الفناء، فهو لا شك في قبضته، فكيف يتصور في بال أو يقع في خيال أن يكون شيء من ذلك له ولداً أو معه شريكاً. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٤ صـ ٥٥٨ ـ ٥٥٩﴾


الصفحة التالية
Icon