واعلم أن هذه ليست من العيوب المستحيل وجودها في الأنبياء لأن ثقل اللسان قد لا ينقص قدر الإنسان ولا يخل في أمر التبليغ وليس فيه ثغرة، بل قد تكون مما يستعذب في بعض الاشخاص ولا سيما في حضرة السيد موسى عليه السلام، وما قيل إن هرون أفصح منه، فمن هذه الجهة، وإلا فهو على غاية من الفصاحة والبلاغة، وقول فرعون (وَلا يَكادُ يُبِينُ) الآية ٥٣ من سورة الزخرف في ج ٢ تمويه على قومه ليصرفهم عنه ليس إلا، وقد ذكروا أنه كان في لسان المهدي المنتظر
مجيئه حبسة، وقد جاء في فضله ما لم يحصره القلم، لأن فصاحة الذات لا يقاومها إعراب الكلمات، وفي هذا قال :
سر الفصاحة كامن في المعدن لخصائص الأرواح لا في الألسن
وقال الآخر :
لسان فصيح معرب في كلامه فياليته في موقف الحشر يسلم
وما ينفع الإعراب ما لم يكن تقى وما ضرّ ذا التقوى لسان معجم
والمراد باللسان الآلة الجارحة نفسها، وفسره بعضهم بالقوة الناطقة القائمة فيه، والفقه العلم بالشيء والفهم له، وقال الراغب هو التوصل إلى علم غائب بعلم شاهد، فهو أخص من العلمقال تعالى (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي" ٢٩ يعاونني في أعباء ما كلفتني به، فالوزر بكسر فسكون، بمعنى الحمل الثقيل.
مطلب الوزير والوزر دائرة بلطف اللّه بموسى واجابة مطالبه : ؟ ؟
وسمي القائم ببعض الأمور الملكية وزيرا لأنه يحمل عن الملك بعض ثقلها، أما الوزر بفتحتين فراجع معناه في الآية ١١ من سورة القيمة المارة، ثم بيّن الوزير الذي يريده بقوله "هارُونَ أَخِي ٣٠ اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي" ٣١ قوّ به ظهري وأحكم به قوتي ليساعدني على مهمتي "وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي" ٣٢ الذي شرفتني به، وهو الرسالة ليقوم مقامي عند غيابي في إرشاد من أرسلتني إليهم، ويعاضدني في حضوري عند دعوتي إليهم، هذا وإن موسى عليه السلام أول من طلب هذا الطلب من ربه فأجابه :