" فصل فى مقصود السورة الكريمة "
قال البقاعى :
مقصودها الإعلام بإمهال المدعوين والحلم عنهم والترفق بهم إلى أن يكونوا أكثر الأمم، زيادة في الشرف داعيهم ( ﷺ )، وعلى هذا المقصد الشريف دل اسمها بطريق الرمز والإشارة، لتبيين أهل الفطنة والبصارة، وذلك بما في أولها من الحروف المقطعة، وذلك أنه لما كان ختام سورة مريم حاملاً على الخوف من أن تهلك أمته ( ﷺ ) قبل ظهور أمره الذي أمر الله به ةاشتهار دعوته، لقلة من آمن به منهم، ابتدأه سبحانه بالطاء إشارة بمخرجها الذي هو من رأس اللسان وأصول الثنيتين العليين إلى قوة أمر وانتشاره، وعلوه وكثرة أتباعه، لأن هذا المخرج أكثر المخارج حروفاً، وأشدها حركة وأوسعها انتشاراً، وبما فيها من صفات الجهر والإطباق والاستعلاء والقلقلة إلى انقلاب ما هو فيه من الإسرار جهراً، وما هو فيه من الرقة فخامة، لأنها من حروف التفخيم، وأنه يستعلي أمره، وينتشر ذكره، حتى يطبق جميع الوجود ويقلقل سائر الأمم، ولكن يكون ذلك.
بما تشير إليه الهاء بمخرجها من أقصى الحلق.
على حد بعده من طرف اللسان مع طول كبير وتماد كثير، وبما فيها من صفات الهمس والرخاوة والانفتاح والاستفال والخفاء مع مخافته وضعف كبير، وهدوء وخفاء عظيم، ومقاساة شدائد كبار، مع نوع فخامة واشتهار، وهو وإن كان اشتهاراً يسيراً يغلب هذا الضعف كله وإن كان قوياً شديداً، وقراءة الإمالة للهاء تشير إلى شدة الضعف، وقراءة التفخيم.
وهي الأكثر القراء.
مشيرة إلى فخامة القدر وقوة الأمر، بما لهما من الانتفاخ، وإن رئي أنه ليس كذلك ( إنه ليخافه


الصفحة التالية
Icon