قال السدي : ظن أنها نار من نيران الرعاة وقال آخرون : إنه عليه السلام رآها في شجرة وليس في لفظ القرآن ما يدل على ذلك، واختلفوا فقال بعضهم الذي رآه لم يكن ناراً بل تخيله ناراً والصحيح أنه رأى ناراً ليكون صادقاً في خبره إذ الكذب لا يجوز على الأنبياء، قيل : النار أربعة أقسام : نار تأكل ولا تشرب وهي نار الدنيا، ونار تشرب ولا تأكل وهي نار الشجر لقوله تعالى :﴿جَعَلَ لَكُم مّنَ الشجر الأخضر نَاراً﴾ [ يس : ٨٠ ] ونار تأكل وتشرب وهي نار المعدة، ونار لا تأكل ولا تشرب وهي نار موسى عليه السلام وقيل أيضاً النار على أربعة أقسام : أحدها : نار لها نور بلا حرقة وهي نار موسى عليه السلام.
وثانيها : حرقة بلا نور وهي نار جهنم.
وثالثها : الحرقة والنور وهي نار الدنيا.
ورابعها : لا حرقة ولا نور وهي نار الأشجار، فلما أبصر النار توجه نحوها ﴿فقال لأهله امكثوا ﴾.
فيجوز أن يكون الخطاب للمرأة وولدها والخادم الذي معها ويجوز أن يكون للمرأة وحدها ولكن خرج على ظاهر لفظ الأهل فإن الأهل يقع على الجمع، وأيضاً فقد يخاطب الواحد بلفظ الجماعة تفخيماً أي أقيموا في مكانكم :﴿إِنّى آنَسْتُ نَاراً﴾ أي أبصرت، والإيناس الإبصار البين الذي لا شبهة فيه ومنه إنسان العين فإنه يبين به الشيء والإنس لظهورهم كما قيل الجن لاستتارهم وقيل هو أيضاً ما يؤنس به ولما وجد منه الإيناس وكان منتفياً حقيقة لهم أتى بكلمة إني لتوطين أنفسهم ولما كان الإيناس بالقبس ووجود الهدى مترقبين متوقعين بني الأمر فيهما على الرجاء والطمع فقال :﴿لعلي آتيكم﴾ ولم يقطع فيقول إني آتيكم لئلا يعد ما لم يتيقن الوفاء به.


الصفحة التالية
Icon