قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ وَالطَّوَافِ فِي النَّعْلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ إنْ كَانَ هُوَ الْأَوَّلُ فَالْمَعْنِيُّ فِيهِ مُبَاشَرَةُ الْوَادِي بِقَدَمِهِ تَبَرُّكًا بِهِ كَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ وَتَقْبِيلِهِ تَبَرُّكًا بِهِ، فَيَكُونُ الْأَمْرُ بِخَلْعِ النَّعْلِ مَقْصُورًا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فِي ذَلِكَ الْوَادِي الْمُقَدَّسِ بِعَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَ التَّأْوِيلُ هُوَ الثَّانِي فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ مَحْظُورًا لُبْسُ جِلْدِ الْحِمَارِ الْمَيِّتِ وَإِنْ كَانَ مَدْبُوغًا، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَنْسُوخٌ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ أَيُّمَا إهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ ﴾، وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَعْلَيْهِ ثُمَّ خَلَعَهُمَا فِي الصَّلَاةِ فَخَلَعَ النَّاسُ نِعَالَهُمْ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ :﴿ مَا لَكُمْ خَلَعْتُمْ نِعَالَكُمْ ؟ قَالُوا : خَلَعْت فَخَلَعْنَا، قَالَ : فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهَا قَذَرًا ﴾، فَلَمْ يَكْرَهْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي النَّعْلِ، وَأَنْكَرَ عَلَى الْخَالِعِينَ خَلْعَهَا، وَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ إنَّمَا خَلَعَهَا ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ أَخْبَرَهُ أَنَّ فِيهَا قَذَرًا وَهَذَا عِنْدَنَا.
مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ نَجَاسَةً يَسِيرَةً ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ كَثِيرَةً لَاسْتَأْنَفَ الصَّلَاةَ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَأَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾
قَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ :" لِتَذْكُرَنِي فِيهَا بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّعْظِيمِ ".
وَقِيلَ فِيهِ :" لَأَنْ أَذْكُرَكَ بِالثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ ".


الصفحة التالية
Icon