وثانيها : أنه لو أوجد الكل لما بقي بعد ذلك قادراً على الإيجاد لأن إيجاد الموجود محال، فكان ذلك وإن كان كمالاً للناقص لكنه يقتضي نقصان الكامل فإنه ينقلب القادر من القدرة إلى العجز.
وثالثها : أنه لو دخل الكل في الوجود لما بقي فيه تمييز فلا يتميز القادر على الموجب والقدرة كمال والإيجاب بالطبع نقصان، فلهذه الأسباب أخرج بعض الممكنات إلى الوجود فإن قيل عليه سؤالان : أحدهما : أن الموجودات متناهية والمعدومات غير متناهية ولا نسبة للمتناهي إلى غير المتناهي، فتكون أيضاً الضيافة ضيافة للأقل، وأما الحرمان فإنه عدد لما لا نهاية له، وهذا لا يكون وجوداً.
الثاني : أن البعض الذي خصه بهذه الضيافة إن كان لاستحقاق حصل فيه دون غيره فذلك الاستحقاق ممن حصل ؟ وإن كان لا لهذا الاستحقاق كان ذلك عبثاً وهو محال كما قيل :
يعطي ويمنع لا بخلاً ولا كرماً.. وإنه لا يليق بأكرم الأكرمين.
والجواب عن الكل أن هذه الشبهات إنما تدور في العقول والخيالات لأن الإنسان يحاول قياس فعله على فعلنا، وذلك باطل لأنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.


الصفحة التالية
Icon