[ البقرة : ٤٧ ] وقال أيضاً :﴿وآتاكم ما لم يؤت أحداً من العالمين﴾ [ المائدة : ٢٠ ] ثم مع هذه الدرجة العظيمة قالوا لموسى عليه السلام :﴿ادع لَنَا رَبَّكَ يُبَيّنَ لَّنَا مَا هِىَ﴾ [ البقرة : ٦٨ ] وأن الحواريين مع جلالتهم في قولهم :﴿نَحْنُ أَنْصَارُ الله﴾ [ آل عمران : ٥٢ ] سألوا عيسى عليه السلام أن يسأل لهم مائدة تنزل من السماء ثم إنه سبحانه وتعالى رفع هذه الواسطة في أمتنا فقال مخاطباً لهم من غير واسطة :﴿ادعونى أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [ غافر : ٦٠ ] وقال :﴿واسألوا الله مِن فَضْلِهِ﴾ [ النساء : ٣٢ ] فلهذا السبب لما حصلت هذه الفضيلة لهذه الأمة وكان موسى عليه السلام قد عرفها لا جرم فقال :"اللهم اجعلني من أمة محمد ﷺ " فلا جرم رفع يديه ابتداء فقال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي﴾ واعلم أنه تعالى قال :﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ﴾ [ البقرة : ١٨٦ ] ثم إنه تعالى جعل العباد على سبعة أقسام : أحدها : عبد العصمة :﴿إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان﴾ [ الحجر : ٤٢ ] وموسى عليه السلام كان مخصوصاً بمزيد العصمة :﴿واصطنعتك لِنَفْسِي﴾ [ طه : ٤١ ] فلا جرم طلب زوائد العصمة فقال :﴿رَبِّ اشرح لِى صَدْرِى ﴾.
وثانيها : عبد الصفوة :﴿وسلام على عِبَادِهِ الذين اصطفى﴾ [ النمل : ٥٩ ] وموسى عليه السلام كان مخصوصاً بمزيد الصفوة :﴿ياموسى إِنْى اصطفيتك عَلَى الناس برسالاتي وبكلامي﴾ [ الأعراف : ١٤٤ ] فلا جرم أراد مزيد الصفوة فقال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي ﴾.
وثالثها : عبد البشارة :﴿فَبَشّرْ عِبَادِى * الذين يَسْتَمِعُونَ القول فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ [ الزمر : ١٧، ١٨ ] وكان موسى عليه السلام مخصوصاً بذلك :﴿وَأَنَا اخترتك فاستمع لِمَا يُوحَى﴾ [ طه : ١٣ ] فأراد مزيد البشارة فقال :﴿رَبِّ اشرح لِي صَدْرِي ﴾.


الصفحة التالية
Icon