﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ مّنْ هذا الذي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ﴾ [ الزخرف : ٥٢ ] أي يقارب أن لا يبين وفي ذلك دلالة على أنه كان يبين مع بقاء قدر من الانعقاد في لسانه وأجيب عنه من وجهين.
أحدهما : المراد بقوله : ولا يكاد يبين أي لا يأتي ببيان ولا حجة.
والثاني : إن كاد بمعنى قرب ولو كان المراد هو البيان اللساني لكان معناه أنه لا يقارب البيان فكان فيه نفي البيان بالكلية وذلك باطل لأنه خاطب فرعون والجمع وكانوا يفقهون كلامه فكيف يمكن نفي البيان أصلاً بل إنما قال ذلك تمويهاً ليصرف الوجوه عنه قال أهل الإشارة إنما قال :﴿واحلل عُقْدَةً مّن لِّسَانِي﴾ لأن حل العقد كلها نصيب محمد ﷺ وقال تعالى :﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِىَ أَحْسَنُ﴾ [ الأنعام : ١٥٢ ] فلما كان ذلك حقاً ليتيم أبي طالب لا جرم ما دار حوله، والله أعلم.
المطلوب الرابع : قوله :﴿واجعل لّي وَزِيراً مّنْ أَهْلِي﴾ واعلم أن طلب الوزير إما أن يكون لأنه خاف من نفسه العجز عن القيام بذلك الأمر فطلب المعين أو لأنه رأى أن للتعاون على الدين والتظاهر عليه مع مخالصة الود وزوال التهمة مزية عظيمة في أمر الدعاء إلى الله ولذلك قال عيسى ابن مريم :﴿مَنْ أَنصَارِي إِلَى الله قَالَ الحواريون نَحْنُ أَنْصَارُ الله﴾ [ آل عمران : ٥٢ ] وقال لمحمد ﷺ :﴿حَسْبُكَ الله وَمَنِ اتبعك مِنَ المؤمنين﴾ [ الأنفال : ٦٤ ] وقال عليه السلام :" إن لي في السماء وزيرين وفي الأرض وزيرين، فاللذان في السماء جبريل وميكائيل واللذان في الأرض أبو بكر وعمر " وههنا مسائل :
المسألة الأولى :