وقيل : لم تزل كلها ؛ بدليل قوله حكاية عن فرعون :﴿ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [ الزخرف : ٥٢ ].
ولأنه لم يقل احلل كل لساني، فدل على أنه بقي في لسانه شيء من الاستمساك.
وقيل : زالت بالكلية بدليل قوله :"أُوتِيتَ سُوْلَكَ" وإنما قال فرعون :﴿ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [ الزخرف : ٥٢ ] لأنه عرف منه تلك العقدة في التربية، وما ثبت عنده أن الآفة زالت.
قلت : وهذا فيه نظر ؛ لأنه لو كان ذلك لما قال فرعون :﴿ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ ﴾ حين كلمه موسى بلسان ذَلِق فصيح.
والله أعلم.
وقيل : إن تلك العقدة حدثت بلسانه عند مناجاة ربه، حتى لا يكلم غيره إلا بإذنه.
﴿ يَفْقَهُواْ قَوْلِي ﴾ أي يعلموا ما أقوله لهم ويفهموه.
والفقه في كلام العرب الفهم.
قال أعرابي لعيسى بن عمر : شهدت عليك بالفقه.
تقول منه : فَقِه الرجل بالكسر.
وفلان لا يَفْقَه ولا يَنْقَه.
وأفقهتك الشيء.
ثم خُصّ به علم الشريعة، والعالم به فقيه.
وقد فَقُه بالضم فَقَاهَة وفَقَّهه الله وتَفَقَّه إذا تعاطى ذلك.
وفاقهته إذا باحثته في العلم ؛ قاله الجوهري.
والوزير المؤازر كالأكيل المؤاكل ؛ لأنه يحمل عن السلطان وزره أي ثقله.
وفي كتاب النسائي عن القاسم بن محمد : سمعت عمتي تقول قال رسول الله ﷺ :" من ولي منكم عملاً فأراد الله به خيراً جعل له وزيراً صالحاً إن نسي ذَكَّره وإن ذَكَر أعانه " ومن هذا المعنى قوله عليه الصلاة والسلام :" ما بعث الله من نبيّ ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتحضّه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه فالمعصوم من عصمه الله " رواه البخاري.
فسأل موسى الله تعالى أن يجعل له وزيراً، إلا أنه لم يرد أن يكون مقصوراً على الوزارة حتى لا يكون شريكاً له في النبوّة، ولولا ذلك لجاز أن يستوزره من غير مسألة.
وعَيَّن فقال :"هَرُونَ".
وانتصب على البدل من قوله :"وَزِيراً".