ورابعها : معناه :﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ من نفسي وقيل إنها كذلك في مصحف أبي وفي حرف ابن مسعود :﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ من نفسي فكيف أعلنها لكم قال القاضي هذا بعيد لأن الإخفاء إنما يصح فيمن يصلح له الإظهار وذلك مستحيل على الله تعالى لأن كل معلوم معلوم له فالإظهار والإسرار منه مستحيل، ويمكن أن يجاب عنه بأن ذلك واقع على التقدير يعني لو صح مني إخفاؤه على نفسي لأخفيته عني والإخفاء وإن كان محالاً في نفسه إلا أنه لا يمتنع أن يذكر ذلك على هذا التقدير مبالغة في عدم إطلاع الغير عليه، قال قطرب : هذا على عادة العرب في مخاطبة بعضهم بعضاً يقولون : إذا بالغوا في كتمان الشيء كتمته حتى من نفسي فالله تعالى بالغ في إخفاء الساعة فذكره بأبلغ ما تعرفه العرب في مثله.
وخامسها :﴿أَكَادُ﴾ صلة في الكلام والمعنى : إن الساعة آتية أخفيها، قال زيد الخيل :
سريع إلى الهيجاء شاك سلاحه.. فما إن يكاد قرنه يتنفس
والمعنى فما يتنفس قرنه.
وسادسها : قال أبو الفتح الموصلي ﴿أَكَادُ أُخْفِيهَا﴾ تأويله أكاد أظهرها وتلخيص هذا اللفظ أكاد أزيل عنها إخفاءها لأن أفعل قد يأتي بمعنى السلب والنفي كقولك أعجمت الكتاب وأشكلته أي أزلت عجمته وإشكاله وأشكيته أي أزلت شكواه.
وسابعها : قرىء أخفيها بفتح الألف أي أكاد أظهرها من خفاه إذا أظهره أي قرب إظهاره كقوله :﴿ا; قتربت الساعة﴾ [ القمر : ١ ] قال امرؤ القيس :
فإن تدفنوا الداء لا نخفه.. وإن تمنعوا الحرب لا نقعد
أي لا نظهره قال الزجاج وهذه القراءة أبين لأن معنى أكاد أظهرها يفيد أنه قد أخفاها.
وثامنها : أراد أن الساعة آتية أكاد وانقطع الكلام ثم قال أخفيها ثم رجع الكلام الأول إلى أن الأولى الإخفاء :﴿لتجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تسعى﴾ وهذا الوجه بعيد، والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon