ولما كان فرعون في غاية الجبروت، وكان حاله حال من يهلكهما إلا أن يمنعهما الله، وأراد علم ما يكون من ذلك ﴿قالا ربنا﴾ أي أيها المحسن إلينا.
ولما كان مضمون إخبارهما بالخوف مع كونهما من جهة الله - من شأنه أن لا يكون وأن ينكر، أكد فقالا مبالغين فيه بإظهار النون الثالثة إبلاغاً في إظهار الشكوى ليأتي الجبر على قدر ما يظهر من الكسر :﴿إننا نخاف﴾ لما هو فيه من المكنة ﴿أن يفرط﴾ أي يجعل ﴿علينا﴾ بالعقوبة قبل إتمام البلاغ عجلة من يطفر ويثب إلى الشيء ﴿أو أن يطغى﴾ فيتجاوز إلى أعظم مما هو فيه من الاستكبار ﴿قال لا تخافا﴾ ثم علل ذلك بما هو مناط النصرة والحيطة للولي والإهلاك للعدو، فقال مؤكداً إشارة إلى عظم الخبر، وتنبيهاً لمضمونه لأنه خارج عن العوائد، وأثبت النون الثالثة على وزان تأكيدهما :﴿إنني معكما﴾ لا أغيب كما تغيب الملوك إذا أرسلوا رسلهم ﴿أسمع وأرى﴾ أي لي هاتان الصفتان، لا يخفى عليَّ شيء من حال رسولي ولا حال عدوه، وأنتما تعلمان من قدرتي ما لا يعلمه غيركما.


الصفحة التالية
Icon