السؤال الأول : لم أمر الله تعالى موسى عليه السلام باللين مع الكافر الجاحد.
الجواب لوجهين : الأول : أنه عليه السلام كان قد رباه فرعون فأمره أن يخاطبه بالرفق رعاية لتلك الحقوق وهذا تنبيه على نهاية تعظيم حق الأبوين.
الثاني : أن من عادة الجبابرة إذا غلظ لهم في الوعظ أن يزدادوا عتواً وتكبراً، والمقصود من البعثة حصول النفع لا حصول زيادة الضرر فلهذا أمر الله تعالى بالرفق.
السؤال الثاني : كيف كان ذلك الكلام اللين.
الجواب : ذكروا فيه وجوهاً.
أحدها : ما حكى الله تعالى بعضه فقال :﴿هَل لَّكَ إلى أَن تزكى * وَأَهْدِيَكَ إلى رَبّكَ فتخشى﴾ [ النازعات : ١٨، ١٩ ] وذكر أيضاً في هذه السورة بعض ذلك فقال :﴿فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولاَ رَبّكَ﴾ [ طه : ٤٧ ] إلى قوله :﴿والسلام على مَنِ اتبع الهدى﴾ [ طه : ٤٧ ].
وثانيها : أن تعداه شباباً لا يهرم بعده وملكاً لا ينزع منه إلا بالموت وأن يبقى له لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته.
وثالثها : كنياه وهو من ذوي الكنى الثلاث أبو العباس وأبو الوليد وأبو مرة.
ورابعها : حكي عن عمرو بن دينار قال : بلغني أن فرعون عمر أربعمائة سنة وتسع سنين فقال له موسى عليه السلام : إن أطعتني عمرت مثل ما عمرت فإذا مت فلك الجنة واعترضوا على هذه الوجوه الثلاثة الأخيرة.
أما الأول : فقيل لو حصلت له هذه الأمور الثلاثة في هذه المدة الطويلة لصار ذلك كالإلجاء إلى معرفة الله تعالى وذلك لا يصح مع التكليف.
وأما الثاني : فلأن خطابه بالكنية أمر سهل فلا يجوز أن يجعل ذلك هو المقصود من قوله :﴿فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيّناً﴾ بل يجوز أن يكون ذلك من جملة المراد.