قال القفال : لترى على عيني أي على وفق إرادتي، ومجاز هذا أن من صنع لإنسان شيئاً وهو حاضر ينظر إليه صنعه له كما يحب ولا يمكنه أن يفعل ما يخالف غرضه فكذا ههنا وفي كيفية المجاز قولان : الأول : المراد من العين العلم أن ترى على علم مني ولما كان العالم بالشيء يحرسه عن الآفات كما أن الناظر إليه يحرسه عن الآفات أطلق لفظ العين على العلم لاشتباههما من هذا الوجه.
الثاني : المراد من العين الحراسة وذلك لأن الناظر إلى الشيء يحرسه عما يؤذيه فالعين كأنها سبب الحراسة فأطلق اسم السبب على المسبب مجازاً وهو كقوله تعالى :﴿إِنَّنِى مَعَكُمَا أَسْمَعُ وأرى﴾ [ طه : ٤٦ ] ويقال : عين الله عليك إذا دعا لك بالحفظ والحياطة، قال القاضي ظاهر القرآن يدل على أن المراد من قوله :﴿وَلِتُصْنَعَ على عَيْنِي﴾ الحفظ والحياطة كقوله تعالى :﴿إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ على مَن يَكْفُلُهُ فرجعناك إلى أُمّكَ كَى تَقَرَّ عَيْنُها وَلاَ تَحْزَنَ﴾ فصار ذلك كالتفسير لحياطة الله تعالى له، بقي ههنا بحثان :
الأول : الواو في قوله :﴿وَلِتُصْنَعَ على عَيْنِي﴾ فيه ثلاثة أوجه.
أحدها : كأنه قيل :﴿وَلِتُصْنَعَ على عَيْنِي﴾ ألقيت عليك محبة مني ثم يكون قوله :﴿إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ﴾ متعلقاً بأول الكلام وهو قوله :﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أخرى * إِذْ أَوْحَيْنَا إلى أُمّكَ مَا يوحى﴾ و﴿إذ تمشي أختك ﴾.
وثانيها : يجوز أن يكون قوله :﴿وَلِتُصْنَعَ على عَيْنِي﴾ متعلقاً بما بعده وهو قوله :﴿إِذْ تَمْشِي﴾ وذكرنا مثل هذين الوجهين في قوله :﴿وَلِيَكُونَ مِنَ الموقنين﴾ [ الأنعام : ٧٥ ].
وثالثها : يجوز أن تكون الواو مقحمة أي وألقيت عليك محبة مني لتصنع وهذا ضعيف.


الصفحة التالية
Icon