وخامسها : أن ملك فرعون لم يتجاوز القبط ولم يبلغ الشام ولما هرب موسى عليه السلام إلى مدين قال له شعيب :﴿لاَ تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ القوم الظالمين﴾ [ القصص : ٢٥ ] فمع هذا كيف يعتقد أنه إله العالم ؟ وسادسها : أنه لما قال :﴿وَمَا رَبُّ العالمين﴾ [ الشعراء : ٢٣ ] قال موسى عليه السلام :﴿رَبّ السموات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [ الشعراء : ٢٤ ] قال :﴿إِنَّ رَسُولَكُمُ الذى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ﴾ [ الشعراء : ٢٧ ] يعني أنا أطلب منه الماهية وهو يشرح الوصف فهو لم ينازع موسى في الوجود بل طلب منه الماهية فدل هذا على اعترافه بأصل الوجود، ومن الناس من قال إنه كان جاهلاً بربه واتفقوا على أن العاقل لا يجوز أن يعتقد في نفسه أنه خالق هذه السموات والأرضين والشمس والقمر وأنه خالق نفسه لأنه يعلم بالضرورة عجزه عنها ويعلم بالضرورة أنها كانت موجودة قبله فيحصل العلم الضروري بأنه ليس موجوداً لها ولا خالقاً لها، واختلفوا في كيفية جهله بالله تعالى فيحتمل أنه كان دهرياً نافياً للمؤثر أصلاً، ويحتمل أنه كان فلسفياً قائلاً بالعلة لموجبه، ويحتمل أنه كان من عبدة الكواكب، ويحتمل أنه كان من الحلولية المجسمة.
وأما ادعاؤه الربوبية لنفسه فبمعنى أنه يجب عليهم طاعته والانقياد له وعدم الاشتغال بطاعة غيره.
المسألة الخامسة :