ظاهر الآية يدل على أنه سبحانه إنه يخرج النبات من الأرض بواسطة إنزال الماء فيكون للماء فيه أثر وهذا بتقدير ثبوته لا يقدح في شيء من أصول الإسلام لأنه سبحانه وتعالى هو الذي أعطاها هذه الخواص والطبائع لكن المتقدمين من المتكلمين ينكرونه ويقولون لا تأثير له فيه ألبتة.
المسألة الثالثة :
قوله تعالى :﴿أزواجا﴾ أي أصنافاً سميت بذلك لأنها مزدوجة مقرونة بعضها مع بعض ﴿شتى﴾ صفة للأزواج جمع شتيت كمريض ومرضى ويجوز أن يكون صفة للنبات والنبات مصدر سمي به النابت كما يسمى بالنبت فاستوى فيه الواحد والجمع يعني أنها شتى مختلفة النفع والطعم والطبع بعضها يصلح للناس وبعضها يصلح للبهائم أما قوله :﴿كُلُواْ وارعوا أنعامكم﴾ فهو حال من الضمير في أخرجنا والمعنى أخرجنا أصناف النبات آذنين في الانتفاع بها مبيحين أن تأكلوا بعضها وتعلفوا بعضها.
وقد تضمن قوله كلوا سائر وجوه المنافع فهو كقوله :﴿وَلاَ تَأْكُلُواْ أموالكم بَيْنَكُم بالباطل﴾ [ البقرة : ١٨٨ ] وقوله :﴿إِنَّ الذين يَأْكُلُونَ أموال اليتامى ظُلْماً﴾ [ النساء : ١٠ ] وقوله :﴿كُلُواْ﴾ أمر إباحة ﴿إِنَّ فِى ذَلِكَ﴾ أي فيما ذكرت من هذه النعم ﴿لآيَاتٍ﴾ أي لدلالات لذوي النهى أي العقول والنهية العقل.
قال أبو علي الفارسي : النهى يجوز أن يكون مصدراً كالهدى ويجوز أن يكون جمعاً أما قوله :﴿مِنْهَا خلقناكم﴾ فاعلم أنه سبحانه لما ذكر منافع الأرض والسماء بين أنها غير مطلوبة لذاتها بل هي مطلوبة لكونها وسائل إلى منافع الآخرة فقال :﴿مِنْهَا خلقناكم﴾ وفيه سؤالان :
السؤال الأول : ما معنى قوله :﴿مِنْهَا خلقناكم﴾ مع أنه سبحانه وتعالى خلقنا من نطفة على ما بين ذلك في سائر الآيات.
والجواب من وجهين : الأول : أنه لما خلق أصلنا وهو آدم عليه السلام من التراب على ما قال :﴿كَمَثَلِ ءادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ﴾
[ آل عمران : ٥٩ ] لا جرم أطلق ذلك علينا.


الصفحة التالية
Icon