البحث الأول : قال الفراء : الطريقة الرجال الأشراف الذين هم قدوة لغيرهم يقال هم طريقة قومهم، ويقال للواحد أيضاً : هو طريقة قومه، وجعل الزجاج الآية من باب حذف المضاف أي ويذهبا بأهل طريقتكم المثلى، وعلى التقديرين، فالمراد أنهم كانوا يحرضون القوم بأن موسى وهارون عليهما السلام يريدان أن يذهبا بأشراف قومكم وأكابركم وهم بنوا اسرائيل لقول موسى عليه السلام :﴿أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِى إسرائيل ﴾ [ الشعراء : ١٧ ] وإنما سموا بني إسرائيل بذلك لأنهم كانوا أكثر القوم يومئذ عدداً وأموالاً ومن المفسرين من فسر الطريقة المثلى بالدين سموا دينهم بالطريقة المثلى :﴿وَكُلٌّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [ الروم : ٣٢ ] ومنهم من فسرها بالجاه والمنصب والرياسة.
البحث الثاني :﴿المثلى﴾ مؤنثة لتأنيث الطريقة، واختلفوا في أنه لم سمى الأفضل بالأمثل فقال بعضهم : الأمثل : الأشبه بالحق، وقيل : الأمثل الأوضح والأظهر، ثم إنه تعالى لما حكى عنهم مبالغتهم في التنفير عن موسى عليه السلام والترغيب في إبطال أمره حكى عنهم أنهم قالوا :﴿فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائتوا صَفّاً﴾ قرأ أبو عمرو بوصل الألف وفتح الميم من أجمعوا يعني لا تدعوا شيئاً من كيدهم إلا جئتم به دليله قوله :﴿فَجَمَعَ كَيْدَهُ﴾ وقرأ الباقون بقطع الألف وكسر الميم وله وجهان : أحدهما : قال الفراء : الإجماع الأحكام والعزيمة على الشيء، يقال : أجمعت على الخروج مثل أزمعت.
والثاني : بمعنى الجمع وقد مضى الكلام في هذا عند قوله :﴿فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ﴾ [ يونس : ٧١ ] قال الزجاج : ليكن عزمكم كلكم كاليد مجمعاً عليه لا تختلفوا ثم ائتوا صفاً، ذكر أبو عبيدة والزجاج وجهين : أحدهما : أن الصف موضع الجمع والمعنى ائتوا الموضع الذي تجتمعون فيه لعيدكم وصلاتكم، والمعنى : ائتوا مصلى من المصليات أو كان الصف علماً للمصلى بعينه فأمروا بأن يأتوه.