والوجه الثاني : لا يجوز أن يحمل القرآن على ما اعتل من اللغات ويعدل به عن أفصحها وأصحها، ولكن في " إن " هاء مضمرة تقديرها إنّه هذان لساحران، وهو قول متقدمي النحويين.
الثالث : أنه بَنَى " هذان " على بناء لا يتغير في الإِعراب كما بَنَى الذين على هذه الصيغة في النصب والرفع.
الرابع : أن " إن " المشددة في هذا الموضع بمعنى نعم، كما قال رجل لابن الزبير : لعن الله ناقة حملتني إليك، فقال ابن الزبير : إنّ وصاحبها. وقال عبد الله بن قيس الرقيات :
بكى العواذل في الصبا... ح يلمنني وألومُهُنّة
ويقلن شيب قد علا... ك وقد كبرت فقلت إنْه
أي نعم
﴿ وَيَذْهَبَا بِطَرِيقتِكُمْ الْمُثْلَى ﴾ في قائل هذه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه قول السحرة.
الثاني : أنه قول قوم فرعون.
الثالث : قول فرعون من بين قومه، وإن أشير به إلى جماعتهم.
وفي تأويله خمسة أوجه :
أحدها : ويذهبا بأهل العقل والشرف. قاله مجاهد.
الثاني : ببني إسرائيل، وكانوا أولي عدد ويسار، قاله قتادة.
الثالث : ويذهبا بالطريقة التي أنتم عليها في السيرة قاله ابن زيد.
الرابع : ويذهبا بدينكم وعبادتكم لفرعون، قاله الضحاك.
الخامس : ويذهبا بأهل طريقتكم المثلى، [ والمثلى مؤنث ] الأمثل والمراد بالأمثل الأفضل، قال أبو طالب :
وإنا لعمرو الله إن جدّ ما أرى... لتلتبسن أسيافنا بالأماثل
قوله تعالى :﴿ فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : جماعتكم على أمرهم في كيد موسى وهارون.
الثاني : معناه أحكموا أمركم، قال الراجز :
يا ليت شعري والمنى لا تنفع... هل أغدوا يوماً وأمري مجمع
أي محكم.
﴿ ثُمَّ ائْتُواْ صَفّاً ﴾ أي اصطفواْ ولا تختلطواْ.
﴿... مَنِ اسْتَعْلَى ﴾ أي غلب. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٣ صـ ﴾