وقال عبد الله بن قيس الرُّقيات :
بَكَرَ العواذلُ في الصَّبا...
حِ يَلُمْنَني وأَلُومُهُنَّهْ
ويَقلْنَ شيبٌ قد عَلاَ...
كَ وقد كَبِرتَ فقلتُ إنَّهْ
فعلى هذا جائز أن يكون قول الله عز وجل :"إِنَّ هَذَانَ لَسَاحِرَانِ" بمعنى نعم ولا تنصب.
قال النحاس : أنشدني داود بن الهيثم، قال أنشدني ثعلب :
ليت شعري هل للمحبِّ شفاء...
من جَوَى حبّهن إنَّ اللقاءُ
قال النحاس : وهذا قول حسن إلا أن فيه شيئاً لأنه إنما يقال : نعم زيد خارج، ولا تكاد تقع اللام هاهنا، وإن كان النحويون قد تكلموا في ذلك فقالوا : اللام ينوى بها التقديم ؛ كما قال :
خالِي لأنتَ ومَنْ جريرٌ خالُه...
يَنلِ العَلاَء ويُكْرِم الأَخوالاَ
قال آخر :
أُمُّ الْحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ...
تَرْضَى من الشَّاةِ بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ
أي لخالي ولأمّ الحليس ؛ وقال الزجاج : والمعنى في الآية إن هذان لهما ساحران ثم حذف المبتدأ.
المهدوي : وأنكره أبو عليّ وأبو الفتح بن جنيّ.
قال أبو الفتح :"هما" المحذوف لم يحذف إلا بعد أن عُرِف، وإذا كان معروفاً فقد استغنى بمعرفته عن تأكيده باللام، ويقبح أن تحذف المؤكَّد وتترك المؤكِّد.
القول الثالث قاله الفراء أيضاً : وجدت الألف دعامة ليست بلام الفعل، فزدت عليها نوناً ولم أغيرها، كما قلت :"الذي" ثم زدت عليه نوناً فقلت : جاءني الذين عندك، ورأيت الذين عندك، ومررت بالذين عندك.
القول الرابع قاله بعض الكوفيين ؛ قال : الألف في "هذان" مشبهة بالألف في يفعلان ؛ فلم تغير.
القول الخامس : قال أبو إسحاق : النحويون القدماء يقولون الهاء هاهنا مضمرة، والمعنى : إنه هذان لساحران ؛ قال ابن الأنباري : فأضمرت الهاء التي هي منصوب "إن" و"هذان" خبر "إن" و"ساحران" يرفعها "هما" المضمر ( والتقدير ) إنه هذان لهما ساحران.


الصفحة التالية
Icon