قال القاضي أبو محمد : وفي هذا نظر ومنع قوم أن يكون ﴿ مكاناً ﴾ نصب على المفعول الثاني بتخلفه، وجوزه جماعة من النحاة ووجهه أن يتسع في أن يخلف الوعد. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع والكسائي " سِوى " بكسر السين، وقرأ ابن عامر وعاصم وحمزة " سُوى " بضمها، والجمهور نون الواو، وقال أبو الفتح ترك الصرف هنا مشكل والذي ينبغي أن يكون محمولاً على الوقف، وقرأت فرقة " سوى " ذكره أبو عمرو عن ابن أبي عبلة ومعنى " سوى " أي عدلاً ونصفة قال أبو علي : فكأنه قال " مكاناً " قربه منكم قربه منا ( ع ) إنما أراد أن حالنا فيه مستوية فيعم ذلك القرب وأن تكون المنازل فيه واحدة في تعاطي الحق أي لا يعترضكم فيه الرياسة وإنما تقصد الحجة. و﴿ سوى ﴾ لغة في سوى ومن هذه اللفظة قول الشاعر [ موسى ابن جابر الحنفي ] [ الطويل ]
وإن أباناً كان حل ببلدة... سوى بين قيس قيس عيلان والفزر
وقالت فرقة مستوياً من الأرض لا وهد فيه ولا نشز، وقالت فرقة معناه سوى مكاناً هذا فقال موسى ﴿ موعدكم يوم الزينة ﴾ اتسع في الظرف من قرأه برفع " يومُ " فجعله خبراً وقرأ الحسن والأعمش والثقفي " يومَ " بالنصب على الظرف والخبر مقدر، وروي أن ﴿ يوم الزينة ﴾ كان عيداً لهم ويوماً مشهوراً وصادف يوم عاشوراء وكان يوم سبت وقيل هو يوم كسر الخليج الباقي إلى اليوم. وقوله ﴿ وأن يحشر الناس ﴾ عطف على ﴿ الزينة ﴾ فهو في موضع خفض، ويحتمل أن يكون في موضع رفع على تقدير وموعدكم أن يحشر الناس، ويقلق عطفه على " اليوم " وفيه نظر، وقرأ الجمهور " حُشر الناسُ " رفعاً وقرأ ابن مسعود والخدري وجماعة " يَحشُر الناسَ " بفتح الياء وضم الشين ونصب " الناسَ " وقرأت فرقة " نحشر الناس " بالنون. والحشر الجمع ومعناه نحشر الناس لمشاهده المعارضة والتهيؤ لقبول الحق حيث كان.
﴿ فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى (٦٠) ﴾