ولما كان مجتمع سرورهم الذي اعتادوه حاوياً لهذه الأغراض زماناً ومكاناً وغيرهما، اختاره عليه السلام لذلك، فاستؤنف الخبر عنه في قوله تعالى :﴿قال موعدكم﴾ أي الموصوف ﴿يوم الزينة﴾ أي عيدكم الذي اعدتم الاجتماع فيه في المكان الذي اعتدتموه، فآثر هنا ذكر الزمان وإن كان يتضمن المكان لما فيه من عادة الجمع كما آثر فيما تقدم المكان لوصفه بالعدل ﴿وأن يحشر﴾ بناه للمفعول لأن القصد الجمع، لا كونه من معين ﴿الناس﴾ أي إغراء ولو بكره ﴿ضحى﴾ ليستقبل النهار من أوله، فيكون أظهر لما يعمل وأجلى، ولا يأتي الليل إلا وقد قضي الأمر، وعرف المحق من المبطل، وأنتم أجمع ما تكونون وأفرغ، فيكل حد المبطلين وأشياعهم، والمتكبرين على الحق وأتباعهم، ويكثر المحدث بذلك الأمر العلم في كل بدو وحضر، ويشيع في جميع أهل الوبر والمدر ﴿فتولى فرعون﴾ عن موسى إلى تهيئة ما يريد من الكيد بعد توليه عن الانقياد لأمر الله ﴿فجمع كيده﴾ أي مكره وحيلته وخداعه، الذي دبره على موسى بجمع من يحصل بهم الكيد، وهم السحرة، حشرهم من كل أوب، وكان أهل مصر أسحر أهل الأرض وأكثرهم ساحراً، وكانوا في ذلك الزمان أشد اعتناء بالسحر وأمهر ما كانوا وأكثر ﴿ثم أتى﴾ للميعاد الذي وقع القرار عليه بمن حشره من السحرة والجنود ومن تبعهم من الناس، مع توفر الدواعي على الإتيان للعيد، والنظر إلى تلك المغالبة التي لم يكن مثلها. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٥ صـ ٢٥ ـ ٢٧﴾


الصفحة التالية
Icon