﴿لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلاَ بِرَأْسِى﴾ [ طه : ٩٤ ] أسرى بعبده وقال الزجاج : قرىء :( فأتبعهم فرعون وجنوده ) أي ومعه جنوده وقرىء :﴿بِجُنُودِهِ﴾ ومعناه ألحق جنوده بهم ويجوز أن يكون بمعنى معهم أما قوله :﴿فَغَشِيَهُمْ﴾ فالمعنى : علاهم وسترهم وما غشيهم تعظيم للأمر أي غشيهم ما لا يعلم كنهه إلا الله تعالى وقرىء :( فغشاهم من اليم ما غشيهم ) وفاعل غشاهم إما الله سبحانه وتعالى أو ما غشيهم أو فرعون لأنه الذي ورط جنوده وتسبب في هلاكهم أما قوله :﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هدى﴾ فاحتج القاضي به وقال لو كان الضلال من خلق الله تعالى لما جاز أن يقال وأضل فرعون قومه بل وجب أن يقال الله تعالى أضلهم ولأن الله تعالى ذمه بذلك فكيف يجوز أن يكون خالقاً للكفر لأن من ذم غيره بشيء لا بد وأن يكون هو غير فاعل لذلك الفعل وإلا لاستحق ذلك الذم وقوله :﴿وَمَا هدى﴾ تهكم به في قوله :﴿وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرشاد﴾ [ غافر : ٢٩ ] ولنذكر القصة وما فيها من المباحث.
قال ابن عباس رضي الله عنهما لما أمر الله تعالى موسى أن يقطع بقومه البحر وكان موسى عليه السلام وبنو إسرائيل استعاروا من قوم فرعون الحلى والدواب لعيد يخرجون إليه فخرج بهم ليلاً وهم ستمائة ألف وثلاثة آلاف ونيف ليس فيهم ابن ستين ولا عشرين وقد كان يوسف عليه السلام عهد إليهم عند موته أن يخرجوا بعظامه معهم من مصر فلم يخرجوا بها فتحير القوم حتى دلتهم عجوز على موضع العظام فأخذوها فقال موسى عليه السلام للعجوز : احتكمي فقالت : أكون معك في الجنة.


الصفحة التالية