والأعمش ﴿ دَرَكاً ﴾ بسكون الراء وهو اسم من الإدراك أي اللحوق كالدرك بالتحريك، وقال الراغب : الدرك بالتحريك في الآية ما يلحق الإنسان من تبعة أي لا تخاف تبعة، والجمهور على الأول أي لا تخاف أن يدرككم فرعون وجنوده من خلفكم ﴿ وَلاَ تخشى ﴾ أن يغرقكم البحر من قدامكم وهو عطف على ﴿ لاَّ تَخَافُ ﴾، وذلك ظاهر على الاحتمالات الثلاثة في قراءة الرفع ؛ وأما على قراءة الجزم فقيل هو استئناف أي وأنت لا تخشى، وقيل : عطف على المجزم والألف جيء بها للإطلاق مراعاة لأواخر الآي كما في قوله تعالى :﴿ فَأَضَلُّونَا السبيلا ﴾ [ الأحزاب : ٦٧ ] ﴿ وتَظُنُّونَ باللهِ الظُّنونَا ﴾ [ الأحزاب : ١٠ ] أو هو مجزوم بحذف الحركة المقدرة كما في قوله :
إذا العجوز غضبت فطلق...
ولا ترضاها ولا تملق
وهذا لغة قليلة عند قوم وضرورة عند آخرين فلا يجوز تخرجي التنزيل الجليل الشأن عليه أو لا يليق مع وجود مثل الاحتمالين السابقين أو الأول منهما.
والخشية أعظم الخوف وكأنه إنما اختيرت هنا لأن الغرق أعظم من إدراك فرعون وجنوده لما أن ذاك مظنة السلامة، ولا ينافي ذلك أنهم إنما ذكروا أولاً ما يدل على خوفهم منه حيث قالوا :﴿ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [ الشعراء : ٦١ ] ولذا سورع في إزاحته بتقديم نفيه كما يظهر بالتأمل.
﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ ﴾
أي تبعهم ومعه جنوده على أن أتبع بمعنى تبع وهو متعد إلى واحد والباء للمصاحبة والجار والمجرور في موضع الحال، ويؤيد ذلك أنه قرأ الحسن.