وقال الشيخ الشنقيطى :
﴿ وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي ﴾
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة. أنه أوحى إلى نبيه موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام : أن يسري بعباده، وهم بنو إسرائيل فيخرجهم من قبضة فرعون ليلاً، وأن يضرب لهم طريقاً في البحر يبساً، أي يابساً لا ماء فيه ولا بلل، وأنه لا يخاف دركاً من فرعون وراءه أن يناله بسوء. ولا يخشى من البحر أمامه أن يغرق قومه. وقد أوضح هذه القصة في غير هذا الموضع، كقوله في سورة « الشعراء » :﴿ وَأَوْحَيْنَآ إلى موسى أَنْ أَسْرِ بعبادي إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي المدآئن حَاشِرِينَ إِنَّ هؤلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بني إِسْرَائِيلَ فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ فَلَمَّا تَرَاءَى الجمعان قَالَ أَصْحَابُ موسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ فَأَوْحَيْنَآ إلى موسى أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ البحر فانفلق فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطود العظيم ﴾ [ الشعراء : ٥٢-٦٣ ]. فقوله في « الشعراء » :﴿ أَنِ اضرب بِّعَصَاكَ البحر فانفلق ﴾ أي فضربه فانفلق يوضح معنى قوله :﴿ فاضرب لَهُمْ طَرِيقاً فِي البحر يَبَساً ﴾، وقوله :﴿ قَالَ أَصْحَابُ موسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [ الشعراء : ٦١-٦٢ ] الآية يوضح معنى قوله :﴿ لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تخشى ﴾ وقد أشار تعالى إلى ذلك في قوله في « الدخان » :﴿ فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هؤلاء قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ واترك البحر رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴾ [ الدخان : ٢٢-٢٤ ] إلى غير ذلك من الآيات. وقد قدمنا طرفاً من ذلك في سورة « البقرة » والقصة معروفة واضحة من القرآن العظيم. وقرأ نافع


الصفحة التالية
Icon