﴿ فَأَضَلُّونَا السبيلا ﴾ [ الأحزاب : ٦٧ ]، وقوله :﴿ وَتَظُنُّونَ بالله الظنونا ﴾ [ الأحزاب : ١٠ ].
والثالث أن إشباع الحركة بحرف مد يناسبها أسلوب معروف من أساليب اللغة العربية، كقول عبد يغوث بن وقاص الحارثي :
وتضحك مني شيخة عبشمية... كأن لم ترا قبلي أسيرا يمانيا
وقول الراجز :
إِذا العجوز غضبت فطلق... ولا ترضاها ولا تملق
وقول الآخر :
وقلت وقد خرت على الكلكال... يا ناقتي ما جلت من مجال
وقول عنترة في معلقته :
ينباع من ذفرى غضوب جسرة... زيافة مثل الفنيق المكدم
فالأصل في البيت الأول : كأن لم تر، ولكن الفتحة أشبعت. والأصل في الثاني ولا ترضها، ولكن الفتحة أشبعت. والأصل في الثالث على الكلكال يعني الصدر، ولكن الفتحة أشبعت. والأصل في الرابع ينبع يعني أن العرق ينبع من عظم الذفرى من ناقته على التحقيق، ولكن الفتحة أشبعت، وإشباع الفتحة بألف في هذه الأبيات وأمثالها مما لم نذكره ليس لضرورة للشعر لتصريح علماء العربية بأنه أسلوب عربي معروف. ويؤيد ذلك أنه مسموع في النثر، كقولهم في النثر : كلكال، وخاتام، وداناق، يعنون كلكلاً، وخاتماً، ودانقاً. وقد أوضحنا هذه المسألة، وأكثرنا من شواهدها العربية في كتابنا ( دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب ) في سورة « البلد » في الكلام على قوله :﴿ لاَ أُقْسِمُ بهذا البلد ﴾ [ البلد : ١ ] مع قوله :﴿ وهذا البلد الأمين ﴾ [ التين : ٣ ] وقال الزمخشري في تفسير هذه الآية ﴿ فاضرب لَهُمْ طَرِيقاً ﴾ : فاجعل لهم طريقاً، من قولهم : ضرب له في ماله سهماً، وضرب اللبن عمله ا ه. والتحقيق أن ﴿ يَبَساً ﴾ صفة مشبهة جاءت على فعل بفتحتين كبطل وحسن. وقال الزمخشري : اليبس مصدر وصف به. يقال : يبس يبساً ويبساً، ونحوهما العدم والعدم، ومن ثم وصف به المؤنث فقيل : شاتنا يبس، وناقتنا يبس. إذا جف لبنها.