وقرأ حمزة وحده لا تَخَفْ على جواب الأمر الذي في قوله فاضرب، وكلمة تَخَفْ } مكتوبة في المصاحف بدون ألف لتكون قراءتها بالوجهين لكثرة نظائر هذه الكلمة ذات الألف في وسطها في رسم المصحف ويسميه المؤدبون "المحذوفَ".
وأما قوله ﴿ وَلاَ تخشى ﴾ فالإجماع على قراءته بألف في آخره.
فوجه قراءة حمزة فيها مع أنّه قرأ بجزم المعطوف عليه أن تكون الألف للإطلاق لأجل الفواصل مثل ألف ﴿ فأضلونا السبيلا ﴾ [ الأحزاب : ٦٧ ] وألف ﴿ وتظنون بالله الظُنونا ﴾ [ الأحزاب : ١٠ ]، أو أن تكون الواو في قوله ﴿ ولا تخشى للاستئناف لا للعطف.
والدّرَك بفتحتين اسم مصدر الإدراك، أي لا تخاف أن يدركك فرعون.
والخشية : شدّة الخوف.
وحذف مفعوله لإفادة العموم، أي لا تخشى شيئاً، وهو عامّ مراد به الخصوص، أي لا تخشى شيئاً مما يخشى من العدوّ ولا من الغرق.
{ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ (٧٨) ﴾

الفاء فصيحة عاطفة على مقدر يدلّ عليه الكلام السابق، أي فسرى بهم فأتبعهم فرعون، فإن فرعون بعد أن رأى آيات غضب الله عليه وعلى قومه وأيقن أنّ ذلك كله تأييد لموسى أذن لموسى وهارون أن يخرجا بني إسرائيل، وكان إذْن فرعون قد حصل ليلاً لحدوث موتان عظيم في القبط في ليلة الشهر السابع من أشهر القبط وهو شهر ( برمهات ) وهو الذي اتّخذه اليهود رأس سنتهم بإذن من الله وسمّوه ( تِسّرِي ) فخرجوا من مدينة ( رعمسيس ) قاصدين شاطىء البحر الأحمر.
وندم فرعون على إطلاقهم فأراد أن يلحقهم ليرجعهم إلى مدينته، وخرج في مركبته ومعه ستمائة مركبة مختارة ومركبات أخرى تحمل جيشه.
وأتْبَع : مرادفع تَبِع.
والباء في ﴿ بجُنُودِهِ ﴾ للمصاحبة.
واليمّ : البحر.
وغشيانه إياهم : تغطيته جُثَثَهم، أي فغرِقوا.


الصفحة التالية
Icon