وأما مَن قال : إنه عطف على الجوار، فقد ذكرنا عن الزجَّاج أنه لم يُجوِّز ذلك فى القرآن، ومَن أجاز ذلك فى الكلام فإنما يجوز مع فقد حرف العطف، وكل ما استشهد به على الإعراب بالمجاورة فلا حرف فيه حائل بين هذا وذاك. وأيضاً فإن المجاورة إنما وردت فى كلامهم عند ارتفاع اللَّبْس والأمن من الاشتباه، فإن أحداً لا يشتبه عليه أن " خرباً" لا يكون من صفة الضب، ولفظة " مزمل" لا يكون من صفة البجاد، وليس كذلك الأرجل فإنها يجوز أن تكون ممسوحة كالرؤوس. وأيضاً فإن المحققين من النحويين نفوا أن يكون الإعراب بالمجاورة جائزاً فى كلام العرب، وقالوا فى " حجر ضب خرب" : إنهم أرادوا خرب جحره، فحذفوا المضاف الذى هو " جحر" وأقيم المضاف إليه وهو الضمير المجرور مقامه، وإذا ارتفع الضمير استكن فى " خرب" وكذلك القول فى " كبير أناس فى بجاد مزمل" فتقديره : مزمل كبيره، فبطل الإعراب بالمجاورة جملة، وهذا واضح لمن تدبره.


الصفحة التالية
Icon