ورثة المال، لأن فى ذلك إضافة الضن والبخل إليه، قلنا : معاذ الله أن يستوى الأمران، فإن المال قد يروق المؤمن والكافر، والصالح والطالح، ولا يمتنع أن يأسى على بنى عمه إذا كانوا من أهل الفساد أن يظفروا بماله فيصرفوه فيما لا ينبغى، بل فى ذلك غاية الحكمة، فإن تقوية الفُسَّاق وإعانتهم على أفعالهم المذمومة محظورة فى الدين، فمن عَدَّ ذلك بخلاً وضَنا فهو غير منصف، وقوله :﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَآئِي﴾ يُفهم منه أن خوفه إنما كان من أخلاقهم وأفعالهم ومعان فيهم لا من أعيانهم، كما أن مَن خاف الله تعالى فإنما خاف عقابه، فالمراد به : خِفْتُ تضييع الموالى مالى وإنفاقهم إياه فى معصية الله".
وعندما فسَّر قوله تعالى فى الآية [١٦] من سورة النمل :﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾.. نجده يقول ما نصه :" فى هذه دلالة على أن الأنبياء يورثون المال كتوريث غيرهم.. وهو قول الحسن - وقيل : معناه : أنه ورث علمه ونبوته ومُلكه دون سائر أولاده. ومعنى الميراث هنا أنه قام مقامه فى ذلك، فأْطلق عليه اسم الإرث كما أُطلق على الجنَّة اسم الإرث.. عن الجبائى، وهذا خلاف الظاهر، والصحيح عند أهل البيت هو الأول".
* *
* الإجماع :
ولما كان الطبرسى كعلماء مذهبه لا يعتبرون حِجِّية الإجماع مهما كان نوعه إلا إذا كان كاشفاً عن رأى الإمام أو كان الإمام داخلاً فى جملة المجمعين، فإنَّا نراه يرد الأدلة القرآنية التى استدل بها الجمهور على حِجِّية الإجماع ويناقشهم فى فهم هذه الآيات.


الصفحة التالية
Icon