وثالثها : أن معنى الآية : مَن يرد الله أن يهديه زيادة الهدى التى وعدها المؤمن يشرح صدره لتلك الزيادة، لأن من حقها أن تزيد المؤمن بصيرة، ﴿وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ﴾ عن تلك الزيادة بمعنى يُذهبه عنها من حيث أخرج هو نفسه من أن يصح عليه، ﴿يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً﴾ لمكان فقد تلك الزيادة، لأنها إذا اقتضت فى المؤمن ما قلناه أوجب فى الكافر ما يضاده، ويكون الفائدة فى ذلك الترغيب فى الإيمان والزجر عن الكفر.. وهذا التأويل قريب مما تقدم. وقد روى عن ابن عباس أنه قال : إنما سمى الله قلب الكافر حَرَجاً، لأنه لا يصل الخير إلى قلبه - وفى رواية أُخرى : لا تصل الحكمة إلى قلبه - ولا يجوز أن يكون المراد بالإضلال فى الآية الدعاء إلى الضلال، ولا الأمر به، ولا الإجبار عليه، لإجماع الأمة على أن الله تعالى لا يأمر بالضلال ولا يدعو إليه، فكيف يُجبر عليه، والدعاء إليه أهون من الإجبار عليه. وقد ذم الله تعالى فرعون والسامرى على إضلالهما عن دين الهدى فى قوله :﴿وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى﴾، وقوله :﴿وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ﴾، ولا خلاف فى أن إضلالهما إضلال أمر وإجبار ودعاء، وقد ذمهما الله تعالى عليه مطلقاً، وكيف يتمدح بما ذم عليه غيره".
* *
* رؤية الله :
كذلك يقول الطبرسى بما يقول به المعتزلة من عدم جواز رؤية الله ووقوعها فى الآخرة، ولهذا نراه يُفسِّر قوله تعالى فى الآيتين [٢٢ - ٢٣] من سورة القيامة :﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ بما يتفق ومذهبه فيقول :﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ اختلف فيه على وجهين :
أحدهما : أن معناه نظرة العين. والثانى : أنه الانتظار.
واختلف من حمله على نظر العين على قولين :