فمذهب الطبرسى فى الشفاعة - مثلاً - يخالف مذهب المعتزلة، ولهذا نراه عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٤٨] من سورة البقرة :﴿وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنْصَرُونَ﴾.. يقول ما نصه :﴿وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ﴾ قال المفسرون : حكم هذه الآية مختص باليهود، لأنهم قالوا : نحن أولاد الأنبياء وآباؤنا يشفعون لنا، فأيأسهم الله عن ذلك فخرج الكلام مخرج العموم والمراد به الخصوص، ويدل على ذلك أن الأمة اجتمعت على أن للنبى شفاعة مقبولة، وإن اختلفوا فى كيفيتها، فعندنا هى مختصة بدفع المضار وإسقاط العقاب عن مستحقيه من مذنبى المؤمنين.
وقالت المعتزلة : هى فى زيادة المنافع للمطيعين والتائبين دون العاصين. وهى ثابتة عندنا للنبى، ولأصحابه المنتخبين، وللأئمة من أهل بيته الطاهرين، ولصالحى المؤمنين، وينجى بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين، ويؤيده الخبر الذى تلقته الأمة بالقبول وهو قوله :" ادخرتُ شفاعتى لأهل الكبائر من أُمتى"، وما جاء فى روايات أصحابنا رضى الله عنهم مرفوعاً إلى النبى أنه قال :" إنى أُشَفَّع يوم القيامة فأشفع، ويُشفَّع علىّ فيشفع، ويُشَفَّع أهل بيتى فيشفعون، وإن أدنى المؤمنين شفاعة ليشفع فى أربعين من إخواته كل قد استوجب النار"، وقوله مخبراً عن الكفار عند حسراتهم على الفائت لهم مما حصل لأهل الإيمان من الشفاعة :﴿فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ * وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ﴾، .
* *
* حقيقة الإيمان :