وأقول أنا : أصل الإيمان هو المعرفة بالله وبرسله وبجميع ما جاءت به رسله. وكل عارف بشئ فهو مصدِّق به، يدل عليه هذه الآية، فإنه تعالى لما ذكر الإيمان علَّقه بالغيب، ليعلم أنه تصديق للمخبر فيما أخبر به من الغيب على معرفة وثقة، ثم أفرده بالذكر عن سائر الطاعات البدنية والمالية وعطفها عليه فقال :﴿وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾، والشئ لا يُعطف على نفسه إنما يُعطف على غيره، ويدل عليه أيضاً أنه تعالى حيث ذكر الإيمان أضافه إلى القلب فقال :﴿وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ﴾، وقال :﴿أُوْلَائِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ﴾.. وقال النبى ﷺ :" الإيمان سر - وأشار إلى صدره - والإسلام علانية" وقد يسمى الإقرار إيماناً كما يسمى تصديقاً إلا أنه متى صدر على شك أو جهل كان إيماناً لفظياً لا حقيقياً، وقد تُسمى أعمال الجوارح أيضاً إيماناً استعارة وتلويحاً كما يسمى تصديقاً كذلك، فيقال : فلان تُصدِّق أفعاله مقاله، ولا خير فى قول لا يصدقه الفعل. والفعل ليس بتصديق حقيقى باتفاق أهل اللُّغة، وإنما استعير هذا الاسم على الوجه الذى ذكرناه. فقد آل الأمر مع تسليم صحة الخبر وقبوله إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب والتصديق به على نحو ما تقتضيه اللُّغة، ولا يُطلق لفظه إلا على ذلك. إلا أنه يستعمل فى الإقرار باللسان والعمل بالأركان مجازاً واتساعاً، وبالله التوفيق".
* روايته للأحاديث الموضوعة :