وكثيراً ما يروى الطبرسى فى تفسيره الروايات الإسرائيلية معزوَّة إلى قائليها، ونلاحظ عليه أنه يذكرها بدون أن يُعقِّب عليها.. اللَّهُمْ إلا إذا كانت مما يتنافى مع العقيدة، فإنه ينبه على كذب الرواية، ويبين ما فيها من مجافاتها للحق وبُعدها عن الصواب، فمثلاً عند قوله تعالى فى الآية [٢١] وما بعدها من سورة (ص) :﴿وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ الْمِحْرَابَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَى دَاوُودَ....﴾... الآيات، نجده يقولك " واختلف فى استغفار داود من أى شئ كان، فقيل : إنه حصل منه على سبيل الانقطاع إلى الله تعالى والخضوع والتذلل بالعبادة والسجود، كما أخبر سبحانه عن إبراهيم بقوله :﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾.. وأما قوله :﴿فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ﴾ فالمعنى أنَّا قبلناه منه وأثبتناه، فأخرجه على لفظ الجزاء مثل قوله :﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾، وقوله :﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِىءُ بِهِمْ﴾. فلما كان المقصود من الاستغفار والتوبة القبول قيل فى جوابه :" غفرنا" وهذا قول من يُنَزِّه الأنبياء عن جميع الذنوب من الإمامية وغيرهم. ومَن جوَّز على الأنبياء الصغائر قال : إن استغفاره كان لذنب صغير وقع منه، ثم إنهم اختلفوا فى ذلك على وجوه :
أحدها : أن أُوريا بن حيّان خطب امرأة وكان أهلها أرادوا أن يُزوِّجوها منه، فبلغ داود جمالها فخطبها أيضاً فزوَّجوها منه، فقدَّموه على أوربا، فعوتب داود على الدنيا.. عن الجبائى.
وثانيها : أنه أخرج أُوريا إلى بعض ثغوره فقُتل فلم يجزع عليه جزعه على أمثاله من جنده إذ مالت نفسه إلى نكاح امرأته، فعوتب على ذلك بنزول المَلَكين.