ومثلاً عند تفسيره لقوله تعالى فى الآية [٥٩] من سورة النساء :﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾.. الآية، نجده بعد أن يذكر ما جاء عن بعض السَلَف من أن المراد بأُولى الأمر الأمراء، وما جاء عن بعضهم من أن المراد بهم العلماء يقول :" وأما أصحابنا فإنهم رووا عن الباقر والصادق أن أُولى الأمر هم الأئمة من آل محمد، أوجب الله طاعتهم بالإطلاق كما أوجب طاعته وطاعة رسوله، ولا يجوز أن يوجب الله طاعة أحد على الإطلاق إلأا من ثبت عصمته، وعلم أن باطنه كظاهره، وأمن منه الغلط والأمر بالقبيح، وليس ذلك بحاصل فى الأمراء ولا العلماء سواهم، جلَّ الله أن يُطاعه من يعصيه، أو بالانقياد للمختلفين فى القول والفعل، لأنه محال أن يُطاع المختلفون، كما أنه محال أن يجتمع ما اختلفوا فيه. ومما يدل على ذلك أيضاً أن الله لم يقرن طاعة أُولى الأمر بطاعة رسوله كما قرن طاعة رسوله بطاعته، ألا وإن أُولى الأمر فوق الخلق جميعاً، كما أن الرسل فوق أُولى الأمر وفوق سائر الخلق، وهذه صفة أئمة الهدى من آل محمد الذين ثبتت إمامتهم وعصمتهم، واتفقت الأمة على علو رتبتهم وعدالتهم".
وبعد.. أفلا ترى معى أن هذا التفسير يجمع بين حسن الترتيب، وجمال التهذيب، ودقة التعليل، وقووة الحُجَّة ؟ أظن أنك معى فى هذا، وأظن أنك معى أيضاً فى أن الطبرسى وإن دافع عن عقيدته ونافح عنها لم يغل غلو غيره ولم يبلغ به الأمر إلى الدرجة التى كان عليها المولى الكازرانى وأمثاله من غلاة الإمامية الإثنا عشرية.
* * *
( ٤- الصافى فى تفسير القرآن (لملا محسن الكاشى) )
* التعريف بصاحب هذا التفسير :