سبيل لهم بإبرازه إلا بتعميته وإلغازه، ثم خلف من بعدهم خلف غير عارفين ولا ناصيين، لم يدروا ما صنعوا بالقرآن، وعمن أخذوا التفسير والبيان. فعمدوا إلى طائفة يزعمون أنهم من العلماء، فكانوا يُفسِّرون لهم بالآراء، ويروون تفسيره عمن يحسبونه من كبرائهم، مثل أبى هريرة وأنس وابن عمر ونظرائهم، وكانوا يعدون أمير المؤمنين من جملتهم، ويجعلونه كواحد من الناس، وكان خير من يستندون إليه بعده ابن مسعود وابن عباس، ممن ليس على قولة كثير تعويل، ولا له إلى لُبَاب الحق سبيل، وكان هؤلاء الكبراء ربما ينقلونه من تلقاء أنفسهم غير خائفين من مآله، وربما يسندونه إلى رسول الله ﷺ وآله، ومن الآخذين عنهم مَن لم يكن له معرفة بحقيقة أحوالهم، لما تقرر عندهم من أن الصحابة كلهم عدول ولم يكن لأأحد منهم عن الحق عدول، ولم يعلموا أن أكثرهم كانوا يُبطون النفاق، ويجترئون على الله ويفترون على رسول الله ﷺ فى عزة وشقاق، وهكذا كان حال الناس قرناً بعد قرن، فكان لهم فى كل قرن رؤساء ضلالة، عنهم يأخذون، وإليهم يرجعون، وهم بآرائهم يجيبون، أو إلى كبرائهم يستندون، وربما يروون عن بعض أئمة الحق عليهم السلام فى جملة ما يروون عن رجالهم، ولكن يحسبونه من أمثالهم، فتباً لهم ولأدب الرواية، إذ ما رعوها حق الرعاية، نعوذ بالله من قوم حذفوا محكمات الكتاب، ونسوا الله رب الأرباب، وراموا غير باب الله أبواباً، واتخذوا من دون الله أرباباً، وفيهم أهل بيت نبيهم، وهم أزِّمة الحق، وسُنَّة الصدق، وشجرة النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة، ومهبط الوحى، وعَيْبة العلم، ومنار الهدى، والحجج على أهل الدنيا، خزائن أسرار الوحى والتنزيل، ومعادن جواهر العلم والتأويل، والأمناء على الحقائق، والخلفاء على الخلائق. أُولوا الأمر الذين أُمروا بطاعتهم، وأهل الذكر الذين أُمروا بمسألتهم، وأهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطَهَّرهم


الصفحة التالية
Icon