ولكنَّا نجد صاحبنا بعد ما ساق هذه الروايات وكثيراً غيرها يقف منها موقف المستشكل فيقول :" ويرد على هذا كله إشكال.. وهو أنه على هذا التقدير لم يبق لنا اعتماد على شئ من القرآن، إذ على هذا يحتمل كل آية منه أن يكون محرَّفاً ومغيَّراً، أو يكون على خلاف ما أنزل الله، فلم يبق لنا فى القرآن حُجَّة أصلاً، فتنفى فائدة الأمر باتباعه والوصية بالتمسك به إلى غير ذلك، وأيضاً قال الله عَزَّ وجَلَّ :﴿وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَّ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ﴾، وقال :﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾.. فكيف يتطرق إليه التحريف والتغيير ؟ وأيضاً قد استفاض عن النبى والأئمة صلوات الله عليهم حديث عرض الخبر المروى على كتاب الله ليُعلم صحته بموافقته له، وفساده بمخالفته، فإذا كان القرآن الذى بأيدينا محرَّفاً فما فائدة العرض ؟ مع أن خبر التحريف مخالف لكتاب الله مكذِّب له، فيجب رده والحكم بفساده أو تأويله".
وهنا يجيب ملا محسن على إشكاله هذا بجوابين :
أولهما : أن هذه الأخبار إن صحَّـ فلعل التغيير إنما وقع فيما لا يخل بالمقصود كثير إخلال، كحذف اسم علىّ وآل محمد، وحذف أسماء المنافقين، فإن انتفاء التعبير باق لعموم اللَّفظ.
وثانيهما : أن بعض المحذوفات كان من قبيل التفسير والبيان ولم يكن من أجزاء القرآن، فيكون التبديل من حيث المعنى، أى حرَّفوه وغيَّروه فى تفسيره وتأويله، بأن حملوه على خلاف ما يُراد منه".
ثم ذكر بعد هذا أقوال مَن تقدَّمه من شيوخه وعلماء مذهبه وهم ما بين مجيز للتحريف والنقصان ومانع لذلك، ولكلِّ أدلته وحُجَّته، ولا نطيل بذكرها ومن أرادها فليرجع إليها فى المقدمة السادسة (ص ١٤، ١٥). * *
* طريقة المؤلف فى تفسيره :